يتواصل الجدل داخل حكومة عزيز أخنوش بشأن أسبقية الإنجاز في المشاريع الاستراتيجية الكبرى، حيث يبدو أن السباق نحو تحقيق المكاسب السياسية بدأ مبكرًا بين كبار وزرائها، في محاولة لترسيخ النفوذ الانتخابي استعدادًا للاستحقاقات المقبلة.
;في هذا السياق، دخل نزار بركة، وزير التجهيز والماء، وأحمد البواري، وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري والمياه والغابات، في صراع غير معلن حول من له الفضل الأكبر في مشاريع الربط المائي، خاصة المشروع المتعلق بربط سدي وادي المخازن وخروفة بالعرائش.
في جلسة سابقة بمجلس النواب، أعلن نزار بركة بصوت واضح يحمل نبرة انتخابية أن وزارته تعمل، بالتنسيق مع وزارة الفلاحة، على تنفيذ هذا المشروع، مؤكدًا أن الأشغال النهائية تنجز حاليًا.
في المقابل، لم يتردد أحمد البواري، خلال جلسة البرلمان يوم الثلاثاء 11 فبراير، في التأكيد على اكتمال أشغال المشروع بالفعل، مشددًا على أن المبادرة جاءت من وزارته وحدها، دون أي إشارة إلى دور وزارة التجهيز والماء، في تجاهل واضح لتصريحات بركة.
وفي خطوة أخرى تعمّق هذا التنافس، صرّح الوزير التجمعي، خلال مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أن وزارة الفلاحة هي التي قادت مشاريع الربط المائي، مؤكدًا انتهاء الشطر الأول من الربط بين حوضي سبو وأبي رقراق، بالإضافة إلى استكمال مشروع ربط سدي وادي المخازن وخروفة على طول 41 كيلومترًا، وهو الإعلان الذي زاد من حدة الغموض حول من الجهة الفعلية التي أنجزت المشروع، مما فتح المجال أمام تساؤلات حول مدى تنسيق العمل بين الوزارتين.
وانعكس التوتر بين الطرفين أيضًا على جدول أعمال الحكومة، حيث تم تأجيل زيارة بركة لموقع المشروع، وهو ما أثار علامات استفهام حول أسباب هذا التأجيل، خاصة أنه تزامن مع جلسة حضرها رئيس الحكومة في مجلس النواب، حيث ظهر وزراء حزب الاستقلال في موقف يبدو أنه يعكس حالة من التباعد داخل الأغلبية الحكومية.
ولتجنب مزيد من التوتر، حاول الناطق الرسمي باسم الحكومة احتواء الخلاف بتقديم تفسير دبلوماسي، مشيرًا إلى أن بركة لم يزر المشروع بسبب عدم اكتمال التجارب التقنية لقنوات المياه، مؤكدًا أنه سيشرف على تدشينه بمجرد انتهاء هذه التجارب، في محاولة واضحة للحفاظ على تماسك الأغلبية وتجنب المواجهات العلنية بين وزرائها.
في ظل هذا الجدل، استغلت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية هذا الصراع بين الوزراء داخل الأغلبية، حيث طالبت بعقد اجتماع للجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة والتنمية المستدامة، بحضور وزير التجهيز والماء، لمناقشة حصيلة إنجاز مشاريع نقل المياه بين الأحواض المائية، وهو ما قد يشكل فرصة إضافية للمعارضة لكشف تضارب التصريحات داخل الحكومة، وتسليط الضوء على مدى التنسيق الفعلي بين أعضائها.