
حفيظ البنعيسي يكتب : سرطان العمل الجمعوي بمدينة صفرو إلى أين؟
أصبح العمل الجمعوي بمدينة صفرو يعيش انحرافات كثيرة عن تعريفه ومفهومه وعن وظائفه وخصوصياته وجوهره وأهدافه ومراميه النبيلة، من طرف جمعيات أصرت على تمييعه وإفراغه من لبه وتميزه الخاص حتى أضحى العمل الجمعوي يجد نفسه وسط دوامة ينخر جسده المريض سرطان الفساد ، وهكذا أصبحت بعض الجمعيات جمعيات للفساد بامتياز يمارس فيها المفسدون هوايتهم المعهودة للكسب الغير المشروع ، والنتيجة أننا أصبحنا أمام مظهر جديد من مظاهر الفساد يمكن تسميته بالفساد الجمعوي.
ولعل السبب الأساسي لهذا السرطان يكمن في ظاهرة الاستنساخ والتفريخ الذي يراد به تمييع المشهد الجمعوي وخلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح من أجل إفراغه من مضمونه وجوهره وأهدافه ومراميه النبيلة ، وبات تأسيس جمعية في مدينة صفرو أسهل من إضرام النار في الهشيم، فكم من جمعية تأسست بإيعاز من مسؤولين محسوبين على السلطات المحلية والمجالس المنتخبة لخدمة أهداف معينة قد يكون الغرض الأساسي من ذلك هو التضييق على جمعية أخرى جادة بتراب الجماعة وحرمانها من حقها المشروع زيادة على محاصرتها والقضاء على أي محاولة لخلق عمل جمعوي بديل وجاد. وكم من جمعية تأسست بدافع من جهات لتعبيد الطريق نحو منحة أو غلاف مالي لمشروع تنشيطي أو تنموي يظل حبرا على ورق ولا يرى النور أبدا. وازدادت ظاهرة تفريخ الجمعيات المرتزقة استفحالا خصوصا بعد دخول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيز التنفيذ.
كما ترتبط أزمة العمل الجمعوي بمدينة صفرو بتبعية مجموعة من الجمعيات لهيئات سياسية تستغلها وتوظفها خلال حملاتها الانتخابية ومعاركها الكبرى وبعد ذلك تدخل هذه الجمعيات في مرحلة السكون والركود والجمود وتغرق في سبات عميق في انتظار أن يطلب منها الاستيقاظ من النوم وفعل شيء ما من باب حشد الأنصار و الأصوات الانتخابية علهم يفوزون بمقاعد انتخابية، بعدها يهجرون العمل الجمعوي و يتواروا عن الأنظار كأن شيئا لم يكن .
وحتى لا نتهم بالعدمية أو التعميم المجحف، وإنصافاً للمخلصين من المناضلين في هذه الواجهة (واجهة العمل التطوعي)، فلا بد من الإشارة إلى أنه قد نجد داخل هذه الجمعيات مناضلين شرفاء شعارهم النّزاهة يبذلون قصارى جهودهم لمحاربة هذا النوع من الفساد المتدثر برداء الإحسان .. لكن، الفشل غالباً ما يكون حليفاً لهم على اعتبار أن الفساد مستشرٍ عمودياً وأفقياً .. أو بعبارة شاملة جامعة: “للفساد رب يحميه”.
وخلاصة القول، أن العمل الجمعوي عمل تطوعي غير ربحي .. لكن، مجموعة من الأشخاص استغلوا هذا العمل النبيل لأهداف شخصية، مما جعل الفساد يسيء إلى المؤسسات الجمعوية والخيرية.
