هاشتاغ _ الرباط
في تقريره الأخير، أكد المجلس الأعلى للحسابات أن المغرب لم يحقق بعد الحد الأدنى المطلوب من المخزون الاستراتيجي للمواد البترولية، الذي يُفترض أن يوفر حماية فعالة من التقلبات الحادة في أسعار الأسواق العالمية.
وينص القانون على أن يكون الحد الأدنى للمخزون الاحتياطي 60 يومًا، إلا أن الواقع الحالي يعكس مستويات أقل بكثير، حيث بلغ مخزون الغازوال 32 يومًا فقط، في حين سجل مخزون البنزين 37 يومًا، أما مخزون غاز البوتان، الذي يُعتبر أساسيًا بالنسبة للعديد من الأسر المغربية، فلم يتجاوز 31 يومًا.
أمام هذه الوضعية المقلقة، شدد المجلس على ضرورة إرساء آليات جديدة وفعالة لتدبير ومراقبة المخزون الاحتياطي لقطاع المحروقات، بهدف تقليل آثار التقلبات الحادة في الأسعار العالمية على السوق المحلية.
كما أوصى بوضع استراتيجية وطنية متكاملة، تتضمن صياغة إطار قانوني ملائم لتطوير سوق الغاز الطبيعي في المغرب. هذا الإطار، بحسب التقرير، يجب أن يكون شفافًا وقادرًا على جذب الاستثمارات، مع تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين والشركاء في القطاع لضمان استدامته.
التقرير تناول أيضًا موضوع النجاعة الطاقية، مشيرًا إلى أن المغرب لم يحقق سوى نسبة 5 في المائة من الهدف المتمثل في توفير 20 في المائة من الطاقة. هذه الفجوة تعكس تحديات كبيرة تعترض تحقيق الأهداف الطاقية الطموحة للبلاد.
وفي هذا السياق، دعا المجلس إلى ضرورة صياغة استراتيجية وطنية شاملة للنجاعة الطاقية، والعمل على المصادقة عليها وتنفيذها على أرض الواقع. كما اقترح توفير حوافز تشجع مختلف القطاعات على تبني التدابير الكفيلة بتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، مما يسهم في تقليل الهدر وتحقيق الاستدامة الطاقية.
من جهة أخرى، لفت التقرير إلى أهمية تحسين الحكامة والقيادة في القطاع الطاقي، داعيًا إلى تسريع وتيرة الإصلاحات المتعلقة بالإطار القانوني وآليات التمويل.
وأكد المجلس على ضرورة وضع خطوات واضحة لتحقيق الأهداف المسطرة بحلول عام 2030، خصوصًا تلك المتعلقة بالطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان الأمن الطاقي للمغرب.
وفيما يتعلق بقطاع الكهرباء، دعا المجلس إلى تسريع وتيرة الإصلاح من خلال فصل أنشطة الإنتاج والنقل والتوزيع، وهو ما من شأنه أن يُحسن الكفاءة التشغيلية ويُعزز الشفافية في القطاع.
كما أوصى باستكمال إصدار النصوص القانونية المتعلقة بتنظيم القطاع، بما يشمل إنشاء هيئة مستقلة لتسيير شبكة نقل الكهرباء والإشراف على تنظيم عملها. علاوة على ذلك، شدد التقرير على أهمية إتمام عملية نقل منشآت الطاقات المتجددة من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى وكالة “مازن”، بما يتيح تركيز الجهود وتحقيق التكامل بين مختلف الفاعلين في هذا المجال الحيوي.
النتائج التي خلص إليها التقرير تسلط الضوء على التحديات الكبرى التي يواجهها المغرب في مجال الطاقة، سواء على مستوى تأمين المخزون الاستراتيجي أو تحسين كفاءة الاستهلاك أو تعزيز الطاقات المتجددة، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لتدارك التأخر وضمان استقرار القطاع في مواجهة التقلبات الدولية.