“حكومة أخنوش” تحول المواطن المغربي إلى خزان ضرائب لا ينضب!

هاشتاغ _ عبد القادر حبيب الله

الإصلاح الجبائي الذي تبنته الحكومة المغربية وقدم تفاصيله فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025 تحت قبة البرلمان، يُطرح كأحد أعمدة مشروعها الاقتصادي والاجتماعي. فالحديث عن رفع مداخيل الدولة الضريبية من 201 مليار درهم سنة 2021 إلى 329 مليار درهم متوقعة سنة 2025، بزيادة تتجاوز 63%، ليس مجرد رقم عابر.

إنه عنوان لتوجه حكومي جديد يُروج له كخطوة كبرى نحو تحسين الإيرادات دون زيادة الضغط الضريبي. لكن خلف هذه الأرقام والتصريحات الطموحة، يبرز تساؤل جوهري: هل تسعى هذه الإصلاحات إلى تحقيق التوازن بين الدولة والمواطن، أم أنها مجرد خطة لتعبئة الموارد على حساب الفئات الأكثر ضعفاً؟

فالحكومة تروج لتوسيع الوعاء الضريبي واعتماد الحجز في المنبع كأداتين محوريتين لتحقيق قفزة في الإيرادات، دون فرض ضرائب إضافية مباشرة. لكنها في الوقت نفسه تغفل عن حقيقة أن هذه السياسات قد تتحول إلى عبء ثقيل على الطبقة المتوسطة والفئات الضعيفة، التي تجد نفسها دوماً تتحمل الكلفة الأكبر لمثل هذه التحولات.

فبينما يُقدَّم الحديث عن توسيع القاعدة الضريبية كإجراء لتعزيز العدالة، تُترجم هذه الخطوات عملياً إلى اقتطاعات إضافية تُثقل كاهل المواطنين والمقاولات الصغيرة، حيث أن الإصلاحات التي شملت توحيد الضريبة على الشركات، مع تخفيض العبء على الصغرى منها ورفعها على الكبرى التي تحقق أرباحاً تفوق 100 مليون درهم سنوياً، تبدو في ظاهرها خطوة نحو العدالة. لكن آثارها الحقيقية على الاستثمار وخلق فرص الشغل تُثير تساؤلات، خاصة في ظل غياب إجراءات تضمن التوازن بين دعم الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية.

كما أن الإصلاح المرتبط بالضريبة على القيمة المضافة، عبر توحيدها في ثلاثة أشطر، قُدم باعتباره خطوة لتخفيف العبء عن الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولتقليل أثر الضرائب على المواد الأساسية التي تهم الفئات الواسعة من المواطنين. لكن تطبيقه على أرض الواقع يظل تحدياً كبيراً، إذ تتطلب مثل هذه التعديلات آليات صارمة لضمان انعكاسها الإيجابي على القدرة الشرائية للمواطنين.

في المقابل، يعتبر الإعفاء الضريبي لدخول الأجور التي تقل عن 6000 درهم شهرياً خطوة إيجابية تستهدف التخفيف عن الفئات الأكثر هشاشة. ومع ذلك، يبقى تأثيرها محدوداً بالنظر إلى العبء المستمر الذي تتحمله الطبقة المتوسطة. ورفع نسبة المعفيين من الضرائب إلى 80% قد يُظهر تقدماً على مستوى العدالة الجبائية، لكنه يُثير قلقاً حول كيفية تعويض الدولة الفجوة المالية الناتجة عن هذه الإعفاءات دون اللجوء إلى مصادر بديلة قد تُثقل كاهل الاقتصاد.

في سياق آخر، تراهن الحكومة على مكافحة التهرب الضريبي وتحسين آليات المراقبة لتعزيز الثقة في النظام الجبائي. إلا أن نجاح هذه الخطوات مرهون بمدى شفافيتها وعدالتها، وضمانها المساواة بين الجميع دون تمييز أو انتقائية، وإلا فإنها ستظل مجرد وعود في مواجهة واقع اجتماعي واقتصادي معقد.

إن الإصلاح الجبائي، في جوهره، ليس مجرد عملية تقنية لزيادة المداخيل، بل اختبار حقيقي لرؤية الدولة تجاه المواطن وشراكتها معه في بناء المستقبل. إذا أرادت الحكومة فعلاً تحقيق العدالة الاجتماعية وبناء نموذج تنموي متوازن، فعليها تجاوز الأرقام والخطابات إلى سياسات تضع المواطن في قلب هذه الإصلاحات، لا كخزان ضرائب لا ينضب، بل كشريك متساوٍ في التنمية والازدهار.