حكومة أخنوش على صفيح ساخن.. هل بدأ العد التنازلي لانفراط عقد الأغلبية؟

مع اقتراب موعد الانتخابات، تتصاعد التوترات داخل الأغلبية الحكومية في المغرب، حيث بدأت بوادر الانشقاق تطفو إلى السطح بشكل علني، مما يعكس صراعًا مبكرًا على المواقع قبل لحظة الحسم. فبعد ثلاث سنوات من توافق هش، لم يعد التحالف الحاكم متماسكًا كما كان في البداية، إذ بدأت بعض مكوناته، وعلى رأسها حزبا الاستقلال والأصالة والمعاصرة، في توجيه انتقادات حادة لأداء الحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار برئاسة عزيز أخنوش، في خطوة تطرح تساؤلات حول مدى قدرة التحالف على الصمود حتى نهاية الولاية.

ولم تعد الأسئلة البرلمانية التي يوجهها نواب الأغلبية لوزراء من حزب رئيس الحكومة مجرد رقابة اعتيادية، بل تحولت إلى رسائل سياسية مشفرة تعكس محاولة بعض الأحزاب التمايز عن القرارات الحكومية، خصوصًا في ظل تزايد الغضب الشعبي نتيجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. حزب الاستقلال، الذي ظل إلى وقت قريب أحد الداعمين الأساسيين للحكومة، بدأ يرفع منسوب الانتقاد، كما ظهر في سؤال كتابي وجهه البرلماني خالد الشناق حول استراتيجية الحكومة لمحاربة الفساد، وهو ما اعتُبر خطوة تصعيدية غير مسبوقة من داخل التحالف الحاكم. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ذهب الشناق إلى تحميل الحكومة مسؤولية التراجع المسجل في تصنيف المغرب في هذا المجال، في إشارة واضحة إلى أن الحزب لم يعد يرغب في تحمل تبعات إخفاقات التدبير الحالي.

الأصالة والمعاصرة، بدوره، لم يبق في موقع المتفرج، بل دخل على خط المواجهة، حيث وجّه نوابه انتقادات صريحة لوزراء التجمع الوطني للأحرار، خاصة في القطاعات الاجتماعية الحساسة. البرلمانية نجوى كوكوس لم تتردد في استهداف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، منتقدة النقص الحاد في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية بالمستشفيات العمومية، بينما وُجّهت انتقادات لاذعة لوزير الفلاحة والصيد البحري بسبب تداعيات الجفاف وارتفاع الأسعار، مما عزز الانطباع بأن الأغلبية بدأت تتصدع من الداخل، استعدادًا لإعادة رسم خارطة التحالفات قبيل انتخابات 2026.

على مستوى القيادات، لم يكن نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بعيدًا عن هذا التوجه التصعيدي، حيث اختار توجيه انتقادات غير مباشرة للحكومة خلال مشاركته في أحد اللقاءات الرسمية، مشيرًا إلى أن مبررات ارتفاع الأسعار لم تعد مقبولة، ومشدّدًا على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة. في المقابل، حاولت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، امتصاص الغضب، معتبرة أن الحكومة جاءت لتصحيح المسار التنموي، لكن تصريحاتها لم تُقنع الكثيرين، خاصة أن موجة الانتقادات هذه تأتي من داخل التحالف نفسه وليس من المعارضة.

هذه التحركات تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل التحالف الحكومي، وهل نحن أمام مناورة سياسية تهدف إلى تموقع جديد قبل الانتخابات، أم أن الأمر يتعلق بتصدع حقيقي قد يُفضي إلى انفراط عقد الأغلبية قبل موعد الاقتراع؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير هذا التحالف، الذي يبدو أنه يعيش على وقع اهتزازات قوية قد تعجّل بإعادة ترتيب الأوراق السياسية في المشهد المغربي.