بقلم: مراد بورجى
قيادة “حكومة المونديال”!! هل هو طموح مشروع يمكن لكل من فاطمة الزهراء المنصوري وصهرها نزار بركة الجهر به “بلا حيا بلا حشمة” أمام نفس الشعب المغربي الذي “صوّت لحزبيهما”، فخذلاه بدعمهما لسياسات تفقيره وتجويعه وقهره وساهما ويساهمان بأغلبيتهما وبكل ما أوتيا من قوة في “ضمان” نهب ثروات البلاد والعباد بـ”القانون” منذ أن جعل منهما ملياردير الريع “عَازِيدْ” أخنوش وزيرين في حكومته، ولن أقول في حكومة صاحب الجلالة بكل بساطة لأنهما “تجاهلا” في تشكيلها أوامر الملك محمد السادس الذي شدّد على ربط المسؤولية بالمحاسبة، فيما هما معاً مستغلّيْن تسلطهما الحزبي وتغوّلهما العددي، وقفا سدا منيعا في وجه كل القوانين، التي تحاسب المسؤولين وتجرِّم نهبَ المال العام والإثراءَ اللامشروع!!
نعم هذه هي حقيقة “بنت الصالحين” و”صهر الفاسيين” اللذين “رفض” الملك محمد السادس استقبالهما كما هو الحال مع كل أمين عام انتخبه مؤتمر حزب، بعدما ظل أمين عام حزب الاستقلال نزار بركة يشتغل حوالي سنتين خارج القانون حتى اضطرت وزارة الداخلية إلى تنبيهه وتهديده، وأصرّ على التشبّث بالكرسي “العائلي” لاثنتي عشرة سنة أما “بنت الصالحين” كما نسبت لنفسها في “تعجرف” أمام شباب حزبها.
ففضائح “المقرّبين” التي تفجرت في وجهها هي ما كانت بدليل مقرّرات المؤتمر، راء اختزال الأمانة العامة في ثلاثة أمناء بدل أمين عام واحد كما هو الحال لدى كل الأحزاب السياسية المغربية، اختزال قد يكون بدوره رسالة للحدِّ من “تسللها” إلى المناصب ولِتركِ المجال لغيرها من مناضلات ومناضلي الحزب الجَديرات والجَديرين بتحمّل المسؤوليات بكل كفاءة واستحقاق.
وفي نفس الوقت لِكبحِ جماحها، فالسيدة المنصوري لم تستطع أن تخفي غَيْرتها العاصفة، التي دفعت بجل الكفاءات إلى الابتعاد عن الحزب، خصوصاً منها الكفاءات النسائية المؤسِّسة للبام اللائي “هربن” من سطوتها، فأين هن اليوم ميلودة حازب وخديجة الگور وأمينة شعا ورجاء الأزمي وبشرى المالكي وسليمة فرجي وزكية لمريني وثورية إقبال وسعيدة عزيزي ولطيفة بلاليوعزيزة شكاف وأسماء لمراني وعائشة العز ومارية سدراتي وحياة بوفراشن وسهيلة الريكي وخديجة الفن وابتسام العزاوي ونجاة بقاش وغيرهن عديدات…
وقبل ذلك وبعده، فلتقُلْ لنا المنسقة بأي وجه قابلت هشام المهاجري بعد أن جمّد مكتبها السياسي عضويته فقط لأنه فضح احتكار شركات رئيسها أخنوش بالقول: “إلى هاذ الشركات بغات تهيمن على كلشي يرفعو الأجور! لأن هاذ الناس شادّة البحر، وشادّة السما، وبغاونا كاملين نخدموعندهم بنفس الأجور”.
وتابع باستنكار: “إلى عدنا مشكل فـبرامج الحماية الاجتماعية والسجل الاجتماعي الموحد، ماغادي يبقى عندنا وجه باش نقابلوالمغاربة”… فكانت كلمة “حقّ” التي جاهر بها سببا في قطع رأسه من الحزب لإسكاته قرابة السنتين.
وعندما “تهرول” بنت الصالحين اليوم لمصالحته والتقاط صورة معه فهذه هي قمّة “الانتهازية”، فالمنسقة المنصوري لم تعد ترى في القيادي البامي هشام المهاجري سوى “مقعدٍ” ومجرّد “رقمٍ” فقط، دون الحديث الآن عما يجري في “ميركاتو محترفي الانتخابات” مع نفس الوجوه المكرورة التي تشتري الذمم وتستغل الحاجة والهشاشة وتتاجر بالبشر مقابل “قفّة” رمضانية أو أضحية العيد التي أصبحت تدعمها الحكومة فيستفيد أصحابه وزبانيته مرتين: يغرفون الأموال من دعم الحكومة ويهرفون على الأموال من جيوب المواطنين، فضلا عن ركام من السياسات اللاشعبية والفاشلة والتي سنتعرّض لقضاياها الحارقة في مقالات مقبلة وفي إطار نقاشات عمومية نفضح خلالها هؤلاء الانتهازيين وسماسرة الانتخابات الذين لا علاقة لهم برهانات مغرب اليوم ومآلات مغرب الغد، كما سنتعرّض لآفاق وسيناريوهات الانتخابات المقبلة وما تفرضه من تعبئة مدنية وسياسية وشعبية للتصدي لتجار الانتخابات ودهاقنة الأموال والمناصب، حتى لا يتسلّل الفساد إلى حكومة المونديال…
هذا هو مغزى خطاب الجالس على العرش حول تحمّل الشعب للمسؤولية قبل أن يكتوي بغلاء المعيشة ويذوق كمْ كلفته حكومة “قفة جود” واستعمال المال في السياسة، وهو ما دفع الملك محمد السادس للحديث في خطاب رسمي عن فقدان الثقة في النخب المستخلدة في الأحزاب وجعل الشعب يتحمّل مسؤولية قرارات الحكومة المرفوضة.
فالحكومة نظريا وعمليا هي نتاج أصوات الشعب، وبالتالي فإن تفريط الشعب في إرادته وأصواته، عبْر الاستنكاف عن المشاركة في التصويت وعبْر كذلك الخضوع للمتاجرين في الضمائر والذمم في الانتخابات هو الذي يعطيهم حكومة تشبههم وسياسات لاشعبية تنهك أوضاعهم… من هنا نفهم إلحاح الملك على دعوة الناخبين إلى المشاركة المكثّفة في الانتخابات وإلى حُسنِ استعمال أصواتهم في تقرير مصيرهم ومصير بلادهم ومن أجل ألا يتركوا للأحزاب فرصة العبث بأوضاعهم في حاضرهم ومستقبل أبنائهم.
المفارقة المأساوية هي أنه عكس كل خطابات وأوامر ورسائل الجالس على العرش اليوم نجد “بنت الصالحين” و”صهر الفاسي” ومن معهما يصطفان مرة أخرى معا ضد ما يدعو إليه الملك من إبراز وبروز جيل جديد لديه من الكفاءة ما يكفي للمساهمة في بناء المغرب الجديد، فهُما من رهنا ويرهنان مناضلات ومناضلي حزبيهما طيلة سنوات بأكذوبة “الفوق” ونصّبا من يريدان في المناصب بأكذوبة “الفوق”.
وهكذا أغنيا من يريدان من المقرّبين والمريدين والزبناء ومازالا يعتقدان بكل سذاجة أنه بإمكانهما الاستمرار والامتداد والتمدّد إلى مرحلة أخرى دون حسيب ولا رقيب على ما فعلاه بشعب مملكة العلويين الشريفة عندما تولّيا زمام الأمور وجعلا نفسيهما سامعيْن مطيعيْن لما يريده رئيسهما الملياردير عزيز أخنوش ومن معه وليس ما يريده الله والوطن والملك لهذا الشعب.
وهكذا، وبكل جشع واستخفاف بالشعب المغربي يأتي الصهران اليوم ليتحدّثا عن قيادة حكومة المونديال بعبارات “ماكرة” لا تتوانى عن السطو على منجز ملكي محض بالإيحاء للرأي العام وكأنهما هما من عملَ واجتهدَ وجدّ وكدّ لتحقيق فوز المغرب باستضافة فعاليات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، وهو سلوك سبق للجالس على العرش أن سخر منه وندّد به عندما فضح نفاق وتهافت فئة من المسؤولين الفاشلين وكشف كيف تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة، عندما تكون النتائج إيجابية للاستفادة سياسيا وإعلاميا من المكاسب المحققة! أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتابع الملك فضح المسؤولين الفاشلين، فيتم الاختباء وراء القصر الملكي!!!
لذلك، ولكي نفهم مغرب الغد، لابدّ من “إدراك” هذا المغرب، الذي أراد الجالس على العرش اليوم أن يتركه لولي عهده الأمير مولاي الحسن، كما كان يردد ذلك فؤاد عالي الهمة لمن عيّنهم الملك محمد السادس لتسوية ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي عرفتها مرحلة حكم جده وأبيه الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني… “إدراك” يفرض نفسه للمرور من المغرب السياسي، مغرب الدساتير الخمسة، إلى المغرب الاقتصادي والاجتماعي، باعتمادٍ على تقرير الخمسينية، الذي أنجز في سنة 2005 كبرنامج مجتمعي شامل لعشرين سنة، يؤهل المغرب لما هو عليه اليوم حيث سينتهي به العمل هذه السنة، وينتهي معه كل هؤلاء المرتزقة الذين هيمنوا ويهيمنون على الساحة السياسية حتى اليوم!!!
هذا “الإدراك” كان ومازال يفرض على الطبقة السياسية المسؤولة التداعي إلى فتح والانخراط في النقاش العمومي لكل مناحي الحياة العامة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والفكرية والتربوية والثقافية والفنية، وفي صلبها قضايا التنمية مثلما فعل المجلس العلمي الأعلى يوم الأحد الماضي بالرباط عندما بادر إلى تنظيم لقاء غير مسبوق في شكله ومضمونه، هو لقاء العلماء والخبراء حول مدركات التنمية في المغرب، إذ حضره مسؤولون من مختلف الهيئات الوطنية والمؤسسات العمومية وطرح الجميع أفكارهم وتناقشوا حول اتفاقاتهم واختلافاتهم… وكان من الطبيعي ألا تكون ضمنهم “بنت الصالحين”، التي ترى في نفسها مسؤولة سامية كبيرة بدرجة “ثلث أمين عام”، وهي التي فشلت في كل المناصب التي راكمتها كمنسقة حزبية وعمدة ووزيرة وأحرى أن تقود حكومة لأنها أصلا ليس لديها التراكم السياسي الفعلي والحقيقي، الذي يبنيه المسؤول السياسي بمطالعاته وبتجاربه بالتثقيف الفكري والسياسي وبالعمل الميداني والانخراط في مبادرات الاحتكاك مع مختلف فئات الشعب، للإنصات إلى نبضاتهم ولإدراك انتظاراتهم وما تتطلّبه من برامج وخطط ورهانات وتحدّيات…
ماذا يمكن أن تقول فاطمة الزهراء المنصوري للعلماء وللخبراء وهي لم يُرَ لها ظهور أو يُسمع لها صوت منذ أن وطَأت رجلها حزب الأصالة والمعاصرة غير صورة وصوت “المرأة” التي “تتسلل” خلسة كل مرة إلى المناصب في الحزب وخارج الحزب وكل ما تخطب به لا يخرج عن “اللعب بالهضرة”، مدرّحةً ببعض النكت السمجة التي لا تُضحك أحدا سوى المتزلفات والمتزلّفين، فكيف سيكون لها تصوّر واضح في السياسة أو في القانون والدستور، وأحرى في قضايا الدفاع عن تعزيز آليات الحكامة بما يضمن التنزيل الفعلي للمبدأ الدستوري الذي لا يكفّ ملك البلاد عن التذكير به والدعوة إليه، القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة خصوصا أن “الرئيسة الوهمية” لحكومة المونديال ومنذ أن جعل منها أخنوش وزيرةً وهي تخرج دون استحياء لتساند بقوة سحب كل القوانين التي تهدّد الفساد والمفسدين وعلى رأسها مشروع قانون الإثراء غير المشروع.
ربما خوفاً من أن يطال هذا القانون أقرب مقربيها من المليارديرات الجدد المتحكمين بمفاصل الحزب والذين تفرضهم فرضاً في المناصب وأحرى أن “تقرأ” في الباميات والباميينوجه الجالس على العرش فتحاضر لهن ولهم عن ملك اسمه محمد السادس أعلن ثورة على مختلف المسؤولين، عندما ساءلها هي وغيرها من المسؤولين بمختلف مواقعهم ومراتبهم عمّن نهب ثروة المغاربة!؟!
كان من الطبيعي أن تغيب فاطمة الزهراء المنصوري عن لقاء العلماء والخبراء، إذ ليس لديها أصلا أي مبادرة إنسانية تُحسب لها لفائدة الشعب والمجتمع اللذين لم ينفعهما غير تدخّل الملك محمد السادس لإغاثة مواطنيه من حكومة البلاء المبين، إذ كل ما تقوم به، هي وصهرها “ولد الصالحين”، هو إسناد ظهر الملياردير “عَازِيدْ” أخنوش عوض الوقوف إلى جانب المواطن الفقير، الذي يصطلي نارا ذات لهبِ غلاء لا يُبقي ولا يذر!!!
فإذا كان قد تحقق ما تحقق اليوم من إنجازات في انتظار تحقيق المزيد، فإن ذلك راجع لبرنامج ملكي، حيث كل ما تقوم به الأحزاب، في ظل هيمنة مثل هؤلاء “المخلّدين” عليها، وإبعاد كل الكفاءات من المشاركة في القرار السياسي، هو تنفيذ وتنزيل هذا البرنامج على أرض الواقع، والمفارقة المأساوية أن هؤلاء لم يفشلوا فحسب في إبداع برامج مبتكرة، بل فشلوا حتى في تنفيذ الأوراش الملكية!
اليوم اتضح أن إبعاد عبد الإله بنكيران كان حسنةً بالنسبة له فيما تسابُق الملياردير “عازيد” أخنوش نحو “السطو” على كرسي رئاسة الحكومة كان أساسا بالاعتماد على “قفّة جود”، كما صرح بذلك مرؤوسه في الحكومة عبد اللطيف وهبي الذي قدّم الحزب، الذي أسسه فؤاد عالي الهمة قربانا لافتضاض بكارته وتحميله وزر كل القرارات اللاشعبية وأصبحت كل “جهود واجتهادات” السي وهبي اليوم هي العمل على سن قوانين تحصّن ناهبي المال العام وعلى رأسهم رئيسه أخنوش ومن معه من “الحفنة المحظوظة” التي اغتنت غنى فاحشا، فيما ازداد باقي المغاربة فقرا مدقعا، حسب تعبير الملك محمد السادس نفسه، الذي رفض بالمطلق أن يكون المغرب يسير بـ”سرعتين”: “أغنياء يستفيدون من ثمار النمو ويزدادون غنى.. وفقراء خارج مسار التنمية ويزدادون فقرا وحرمانا!!! وعموما، وفي المحصلة النهائية لما جرى ويجري من “جود” بدون “جْوادْ”، يتضح جليا اليوم أن تولّي حكومة الملياردير “عازيد” أخنوش زمام المال العام هو الجواب البليغ عن سؤال الملك محمد السادس التاريخي: “أين هي الثروة”!!!