هاشتاغ _ الرباط
بعد سنوات طويلة من السعي الحثيث، أصبح المغرب قريبًا من تحقيق حلم استضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2030، بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال. هذا الإنجاز التاريخي يحمل آفاقًا كبيرة لتعزيز مكانة المغرب على الصعيد الدولي، ويفتح أبوابًا واسعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. في هذا السياق، أكدت صحيفة لاريبوبليكا البيروفية أن استضافة كأس العالم تشكل فرصة فريدة للمغرب لتقديم نفسه كدولة حديثة ومتطورة، مستغلة ما يعرف بـ”دبلوماسية كرة القدم”. وتسعى المملكة من خلال هذا الحدث العالمي إلى إبراز إنجازاتها الطموحة وتسليط الضوء على تطلعاتها المستقبلية.
كجزء من الاستعدادات لهذا الحدث الرياضي العالمي، وضع المغرب خطة شاملة لتطوير البنية التحتية تتضمن توسيع وتجديد المطارات وتحسين شبكات الطرق، بالإضافة إلى بناء ملاعب جديدة بمعايير عالمية. ويتوقع أن تُسهم هذه الاستثمارات في توفير آلاف فرص العمل وتعزيز الاقتصاد الوطني. تشمل المشاريع الكبرى توسعة وتجديد مطارات المدن الست المستضيفة، وهي الرباط، الدار البيضاء، فاس، طنجة، مراكش، وأكادير. كما تتضمن الخطة بناء ملعب ضخم في ضواحي الدار البيضاء بسعة تصل إلى 115 ألف مشجع، وبتكلفة تقدر بـ 480 مليون يورو، والذي قد يكون المكان الذي يستضيف المباراة النهائية أو الافتتاحية، مما يعزز مكانته الرمزية والاقتصادية.
يحظى مشروع استضافة كأس العالم بدعم كبير من الملك محمد السادس، الذي يعتبر هذا الحدث فرصة إستراتيجية لتحقيق قفزة نوعية في مسيرة التنمية بالمملكة. ويعكس هذا التوجه رؤية المغرب لتعزيز مكانته كقوة إقليمية مؤثرة، وذلك من خلال استثمار الرياضة كوسيلة للتأثير الإيجابي على الساحة الدولية.
رئيس لجنة كأس العالم 2030، فوزي لقجع، أكد على الأهمية الكبيرة لهذا الحدث في تسريع عجلة نمو الاقتصاد الوطني وإيجاد فرص عمل جديدة، إلى جانب المساهمة في تعزيز الجاذبية السياحية للمملكة. كما أشار إلى أن هذه الجهود تأتي بتوجيه مباشر من الملك محمد السادس. منصف اليازغي، الباحث في السياسة الرياضية، اعتبر أن مشاريع تطوير البنية التحتية لا تمثل فقط استثمارًا في الحاضر، لكنها تشكل أيضًا إرثًا مستدامًا للأجيال القادمة. وأضاف أن هذه الجهود تسهم في تحسين صورة المغرب عالميًا وتعزز من مكانته كوجهة رائدة. عالم الاجتماع الرياضي عبد الرحيم بورقية من جهته، أوضح أن تطوير الخدمات والبنية التحتية يشكل محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي، كما يعزز ارتباط المغرب بالقيم الإيجابية للرياضة ويزيد من جودة الحياة، ما يسهم في بث الثقة لدى المجتمع الدولي.
استضافة كأس العالم تأتي بعد سلسلة من النجاحات الرياضية التي حققها المغرب، أبرزها الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في مونديال المكسيك عام 1986 بوصوله إلى الدور الثاني كأول فريق إفريقي يحقق ذلك. كما أن بلوغ المنتخب نصف نهائي مونديال قطر 2022 بقيادة نجوم مثل ياسين بونو وأشرف حكيمي وحكيم زياش، زاد من الإشعاع الرياضي للمملكة. شهد المغرب في السنوات الأخيرة تكثيف تعاونه مع الدول الإفريقية، من خلال توقيع 44 اتفاقية مع اتحادات رياضية إفريقية منذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017. إضافة إلى ذلك، يسعى المغرب إلى استضافة نسخة موسعة من كأس العالم للأندية عام 2029، بعد تنظيمه لكأس أمم إفريقيا 2025.
هذه الإنجازات تأتي في وقت يشهد اعتراف دولي متزايد بمغربية الصحراء، بما في ذلك دعم إسبانيا، وهو ما مهد الطريق لتعزيز الشراكة بين الرباط ومدريد لتنظيم كأس العالم. وأكد خبير العلاقات الدولية تاج الدين الحسيني أن هذا التعاون يعكس قوة العلاقات المتطورة بين البلدين. بالنسبة للمغرب، فإن كأس العالم يمثل أكثر من مجرد حدث رياضي. إنها فرصة لاستعراض التطور الذي حققته المملكة، وتعزيز صورتها كدولة طموحة تسعى إلى الريادة على مختلف الأصعدة. وختامًا، فإن النشوة الرياضية التي يعيشها المغرب حاليًا هي دليل على تحوله إلى نموذج ملهم يجمع بين الطموح الرياضي والتنمية المستدامة.