هاشتاغ
تتزايد آمال سكان الأقاليم الجنوبية للمغرب في طيّ صفحة النزاع الذي دام نصف قرن، بعد مصادقة مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر الماضي على مقترح الحكم الذاتي الذي يقدّمه المغرب كحلّ نهائي للنزاع حول الصحراء. خطوة اعتُبرت تحولاً سياسياً مهماً يعزّز جهود الرباط لتنمية المنطقة ويمنح ساكنتها آفاقاً اقتصادية واجتماعية جديدة.
مدينة العيون، أكبر حواضر الصحراء، تعكس دينامية عمرانية واقتصادية لافتة، ببنايات حديثة ومرافق متطورة تنمو بين الكثبان، على بُعد 20 كيلومتراً من ساحل الأطلسي. غير أنّ هذه المدينة، التي تحتضن حوالي 250 ألف نسمة، لا تزال في قلب الصراع الذي تخوضه المملكة ضد جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
في شوارع العيون، تعجّ المقاهي والمطاعم بالزوار، بينما تزيّن الأعلام الوطنية وصور الملك محمد السادس واجهات المباني. وفي خضم هذا المشهد، يُجمع عدد من شيوخ القبائل الصحراوية على مساندة مشروع الحكم الذاتي، باعتباره الخيار الواقعي الوحيد القادر على إنهاء النزاع.
زعماء القبائل: الحكم الذاتي بوابة لتدبير محلي فعّال
الشيخ عبد الله صالحي أكد أن الخطة تمثل “فرصة للعيش من خيرات المنطقة، عبر مؤسسات محلية منتخبة، وبرلمان وحكومة جهوية تتولى إدارة شؤون الإقليم”.
أما الشيخ عبد اللطيف بيرّا، فأعرب عن أمله في أن يمهّد المشروع لعودة آلاف الصحراويين من مخيمات تندوف بالجزائر، حيث يقيم نحو 175 ألف لاجئ وفق تقديرات الأمم المتحدة. وأضاف: “فصل الأسر أمر لا يُحتمل. منذ انسحاب إسبانيا كانت المنطقة شبه فارغة وتفتقر للبنيات، لكن المغرب غيّر المشهد تماماً ببناء الجامعات والمستشفيات والمطارات والطرق والمدارس”.
وتُبرز الإحصاءات الرسمية المغربية لسنة 2024 أن عدد سكان الأقاليم الجنوبية تجاوز 600 ألف نسمة، في منطقة غنية بالفوسفاط وذات موارد بحرية مهمة.
دعم دولي متزايد للمقترح المغربي
قرار مجلس الأمن الأخير، الذي جاء بمبادرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اعتبر أن “الحكم الذاتي الحقيقي يمثّل الحل الأكثر واقعية وقابلية للتنفيذ”. ودعا القرار الرباط إلى تحديث مقترحها من أجل التوصل إلى “حل نهائي ومتوافق عليه”.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية منتظرة
يؤكد مولاي إبراهيم طالب علي، رئيس تعاونية لصناعة الدراعة، أن الخطة الأممية “قد تُشجع المستثمرين الأجانب الذين كانوا يترددون بسبب الوضع القانوني للنزاع”. ويرى أن المشاريع المحلية يمكن أن تستفيد من انفتاح اقتصادي أكبر.
أما حنان خديري، مديرة فرقة مسرحية، فترى أن الحكم الذاتي “سيوسّع فرص النساء”، موضحة أن نساء الصحراء يعملن كثيراً في الحرف التقليدية “لكنهن يفتقرن غالباً للدعم المالي الضروري لتوسيع أنشطتهن”. وأضافت أن العيون “تتغير بسرعة، رغم أنها مدينة متطورة ومستقرة منذ سنوات”.
ملف الصحراء… أولوية وطنية
يظلّ ملف الصحراء أحد أهم القضايا الوطنية المغربية، ومحور التوتر المستمر بين الرباط والجزائر، رغم أن الغالبية العظمى من المجتمع الدولي باتت تعتبر المقترح المغربي للحكم الذاتي حلاً واقعياً وجدّياً.
وبينما تتواصل الجهود للوصول إلى حل نهائي، يراهن سكان الأقاليم الجنوبية على خطوة مجلس الأمن باعتبارها بداية مرحلة جديدة، قد تنهي سنوات من الجمود وتفتح الباب أمام تنمية اقتصادية موسعة واستقرار دائم في المنطقة.
المصدر: موقع The Arab Weekly.






