دعوات لوزارة الخارجية بإعداد تقارير دولية تُقيم تنفيذ الاتفاقيات الدولية

هاشتاغ
في ظل الحركية الدبلوماسية المتنامية للمغرب وتزايد عدد الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف التي يبرمها، أضحى من الضروري الانتقال من منطق التوقيع الرمزي إلى منطق التتبع والتقييم المؤسساتي. هذا ما شدد عليه النائب البرلماني عبد الفتاح العوني خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، منبها إلى أهمية إعداد تقارير دورية شاملة تقيم حصيلة هذه الاتفاقيات.

الطرح البرلماني لا يخلو من وجاهة، بل يعكس وعياً متزايداً بأهمية ربط العمل الدبلوماسي بالأثر الملموس على التنمية الوطنية. فتوقيع الاتفاقيات في مجالات استراتيجية كالفلاحة، الطاقة، الرقمنة، التعليم والأمن، لا يجب أن ينتهي عند مراسم التوقيع، بل يُفترض أن يخضع لمسارات دقيقة من التتبع، تتضمن مؤشرات لقياس الأثر، وآليات للرقابة والمحاسبة.

من هنا، يكتسب اقتراح العوني أهمية مضاعفة، إذ يدعو إلى تطوير آلية مؤسساتية تُمكّن البرلمان، والرأي العام تباعاً، من تقييم جدوى هذه الاتفاقيات بناء على تقارير دورية كمية ونوعية. ومردّ هذه الدعوة إلى التفاوت الملحوظ بين عدد الاتفاقيات الموقعة وبين الأثر الفعلي المحقق، وهو ما أشار إليه البرلماني عندما تحدث عن بعض الاتفاقات التي تظل “حبراً على ورق” بسبب ضعف المتابعة أو غياب التنسيق بين القطاعات.

في هذا السياق، يطفو على السطح سؤال الحوكمة: هل تتوفر آليات منهجية داخل وزارة الخارجية لرصد وتقييم الاتفاقيات؟ وهل ثمة إطار زمني واضح لتقديم نتائج التنفيذ؟ وإذا توفرت هذه التقارير، فلماذا لا يتم تعميمها على البرلمان والرأي العام في إطار تعزيز الشفافية والمساءلة الديمقراطية؟

إن العمل الدبلوماسي الفعال لم يعد يُقاس بعدد الاتفاقيات فقط، بل بقدرة الدولة على تحويلها إلى أدوات إنتاجية حقيقية تدعم الاقتصاد الوطني، وتعزز مكانة المغرب قارياً ودولياً. وهنا يكمن جوهر الاقتراح البرلماني: ربط الاتفاقيات بمخرجاتها وليس فقط بمقدماتها.

ختاماً، فإن الدفع نحو إرساء آلية مؤسساتية لتقييم الاتفاقيات هو خطوة في الاتجاه الصحيح لترسيخ دبلوماسية ذات بعد تنموي، ولتكريس مفهوم الحكامة في العمل الخارجي المغربي، بما يضمن التوازن بين طموحات السياسة الخارجية وضرورات التنمية الداخلية.