د. أحمد درداري يكتب: أفاق انتخابات 2021 مرهونة بتغيير شامل للحياة الحزبية وللضوابط القانونية (4)

د. أحمد درداري يكتب: أفاق انتخابات 2021 مرهونة بتغيير شامل للحياة الحزبية وللضوابط القانونية.

الحاجة الى المزج بين التصويت العادي والتصويت الالكتروني.

ان حماية أصوات الفقراء من المساومات، ومراقبة مستعملي المال في الانتخابات مشكل معقد ويتطلب ابعاد المفسدين الانتخابيين عن المشاركة، والاعتماد على برامج انتخابية منبثقة عن ارادة الاصلاح، واللائحة الوطنية ايضا ينبغي اعادة النظر فيها والغاؤها لكونها تدخل في اطار الريع السياسي، كما أنها معيبة ديمقراطيا ، ويمكن ان يتم انتخابها بطريقة مباشرة. بالإضافة الى أن المغرب اليوم يمكنه أن يستعين بنوعين من الاقتراع الأول الكتروني وهو ما سيمكن الجالية أو مغاربة العالم وكذلك المواطنين المستعملين للانترنيت من التصويت عبر منصة الاقتراع الالكتروني، التي ستمكن من مشاركة سهلة ومجانية الولوج موجهة الى هذه الفئه باستعمال البطاقة البيومترية واعتماد البصمات لتقنين المشاركة وحفظها من التزوير، كما انها ستختزل الزمن الانتخابي.

والنوع الثاني الورقي العادي المتبع والذي جرت به العادة ويخص الذين لا يمكنهم المشاركة عن طريق الاستعمال الالكتروني كما يسري بالنسبة للمناطق التي لا يصلها الانترنيت.

الحاجة الى قانون جنائي انتخابي.

للحسم في الجرائم الانتخابية ولمواجهة فساد علاقة الاحزاب بالناخبين التي لها وقع سلبي على مستوى المشاركة، والتي تلقي على الاحزاب مسؤولية الاهمال لشؤون الناخبين طيلة مدة الولاية الانتدابية، وعند فترة الانتخابات تغيب كأحزاب ولا تحمل المنتخبين المسؤولية ويلجأ المرشحين كل مرة الى اعتماد اساليب شخصية دون العودة الى الاحزاب كالترغيب والترهيب والتوسط لفض بعض النزاعات وأيضا تقديم الوعود الكاذبة وحتى اللجوء الى التلفيق لاسيما في بعض المناطق كالتي تعرف زراعة القنب الهندي… واستغلال يوم الاقتراع (الجمعة) لاسيما في البوادي، حيث بسبب انعدام المراقبة يجتمع الناخبين وقت الصلاة، وتستمر اللقاءات خارج الوقت المخصص للحملة والدعاية مثل استمرار التواصل من طرف المرشحين مع الناخبين بعد انتهاء الوقت القانوني ويتم اتباع اساليب غير قانونية لإقناعهم حتى في يوم الاقتراع لاسيما وأن كثير من المرشحين لهم علاقة مصاهرة أو قرابة مع أعوان السلطة من مقدمين وشيوخ.

وتتم خروقات كثيرة تمس بالنزاهة كالإفصاح عن اسماء المصوتين لفائدة المرشح قبل الاعلان عن النتائج الرسمية والاجتماعات مباشرة بعد خروج المصوتين من مكاتب التصويت، والتوجه نحو منازل المرشحين في اشارة الى جمع المصوتين والاستعداد للاحتفال بالفوز قبل الاعلان عن النتائج النهائية، واتلاف بعض صناديق الاقتراع اذا تبين ميل التصويت الى مرشح معين… واطلاق شعارات الفوز الحاطة من قيمة المرشحين المتنافسين ونعت الخاسر بأوصاف نابية هو وكل من صوت لصالحه، ومناوشة المنافسين بالإضافة الى مواجهات واصطدامات دموية وقد تكون مميتة بسبب العصبية التي ماتزال في البوادي ظاهرة مقلقة لاسيما وقت الحملة وقد يستمر العداء الى ما بعد الانتخابات.

وبالنسبة للمسجلين في اللوائح الانتخابية نجد عدد من المواطنين يتم التشطيب عليهم من اللوائح عمدا لاسيما بالبوادي، وذلك بنية التقليل من المعارضين لرؤساء بعض المجالس لاسيما الذين ابانوا عن مواقفهم منهم ابان فترة المدة الانتدابية، ويتم تسجيل المواطنون المؤيدون الجدد حتى خارج اوقات العمل الاداري لتقوية الاتباع لبعض الرؤساء الذين يدرسون الهيئة الناخبة للجماعة ويعتمدون على قراءة النتائج التقريبية بناء على عدد الموالين للرئيس والتهرب من تسجيل الاصوات الجديدة لعدم ضمان توجهاتها الانتخابية.

كما أن استخدام بعض الناخبين لعدد أصوات الأسرة الواحدة كوسيلة من أجل الضغط لانتزاع مقابل أو لتلقي وعود سواء لشخص أو لجمعيات أو لمعطلين أو للحصول على رخص البناء العشوائي والاستفادة من بعض الخدمات مؤقتا والسماح بالأنشطة التجارية في الملك العمومي كمنح الأكشاك، وتشويه الوجه العمراني في المراكز المحددة ومخالفة قوانين التعمير وخلق تضارب في مستويات الاستفادة يصل الى درجة العنف بين عائلات المرشحين أحيانا، بالإضافة الى كراء وسائل النقل الخاصة بالمرشحين لإيصال المواطنين الموالين لهم الى مكاتب التصويت طيلة يوم الاقتراع مما يعيق ارادة الناخب الحرة، وهناك تزوير لأصوات حيث يتم بانتحال الصفة لبعض المواطنين سواء المتوفين أو المتواجدين خارج المنطقة أو خارج المغرب…

وبالنسبة لتسيير مكاتب التصويت تكون هناك خروقات حيث نجد هناك مساعدين من عائلات المرشحين و ممثلي الاحزاب والأشخاص المكلفين نيابة عنهم في مراقبة عملية الاقتراع والادلاء بالأصوات داخل مخادع التصويت، فهم يوجهون بعض الأشخاص لعدم معرف لكيفية القيام بذلك ، كما يتواجد بعض الاشخاص خارج المكتب للتأكيد على التصويت لفائدة المرشح، ويعدون من يأتي من اولئك الذين توعدوا بالتصويت لفائدة مرشح معين. ويتم فرض التصوير بالهاتف داخل المعازل لورقة التصويت لإثبات الوفاء للمرشح على حساب ضرب سرية التصويت وتأكيد ذلك للمرشح فور الخروج من المكتب.

ومن جهة أخرى فان إبعاد رؤساء المجالس وايقاف أعضاء المكاتب عن العمل في مقرات الجماعات الترابية باعتبارهم مرشحين وذلك قبل فترة الانتخابات بمدة معقولة الى حدود نهاية العملية الانتخابية يمكن من تأمين الانتخابات سواء في القرى أو المدن، وتحرير المرفق الجماعي من أي استغلال انتخابي، واصلاح النظام الانتخابي وتطويره يتوقف على العمل بالتصويت الالكتروني لاسيما لاستقطاب الطلبة والشباب ومغاربة العالم للمشاركة في الانتخابات المقبلة.

وبالنسبة للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة ونظرا لكون هذه الشريحة مهمة، وأصبحت معنية بالدفاع عن حقوقها، لا يكفي ان يخصص لهم مرافقين للمكاتب من خارج عائلات المرشحين وتحت مراقبة السلطات، بل يمكن تمكينهم من معاملة خاصة ووسائل خاصة لتسهيل مشاركتهم واحتساب اصواتهم ومراقبة حقهم في التصويت من طرف مراقبي العملية الانتخابية وباستعمال وسائل المراقبة الحديثة وضبط اماكن المراقبة وطرق المراقبة وسرعة التجاوب مع الخروقات التي تمس بحق هذه الفئة التي تعكس النوع الانتخابي.
الحاجة الى التفكير في تغيير نسبة المشاركة.

ان إحداث بنك للمعلومات الانتخابية وتقنين شروط وفرض قيود معقولة على المرشحين من قبيل السن والمستوى الدراسي والسلامة العقلية والنفسية والاهتمام بالشأن العام وعدد الولايات المسموح بها مسألة مهمة لتنقيح النخب الكفؤة لتسيير الشأن العام الترابي والوطني والتركيز على الوعي بقيمة وأهمية المسؤولية الجماعية والبرلمانية.
ان الانتخابات القادمة لا يمكن لها أن تحمل تغييرا مهما الا اذا تمت مراجعة بنية المشاركة الحزبية ووظائف الاحزاب التي كرست العزوف ووفرت الحظوظ للأحزاب الكبرى والأكثر تنظيما، والتي تستغل العزوف عن المشاركة السياسية لفائدتها نظرا لأنها أكثر تنظيما وأن عدد المنخرطين فيها يكفي للنجاح بدون تنافس قوي، مما يفرض التفكير في منافسين قادرين على خلق التوازن السياسي، وذلك يتطلب التفكير في خلق تحالفات بين الاحزاب تقوم على توافقات سياسية وتوزيع رئاسة المجالس فيما بينها على عدد الجماعات التي غطتها انتخابيا في اطار فدرالية الأحزاب الصغرى، كفدرالية اليسار وفيدرالية اليمين وفيدرالية الوسط وفيدرالية الليبراليين وفيدرالية أحزاب البيئة وفيدرالية المستقلين …الخ.

خاتمة.

ان أزمة المشاركة وأزمة التوازن السياسي وأزمة الوساطة الحزبية تفرض تغيير النظام الانتخابي والنظام الانتخابي، ومنطق ممارسة السلطة وتمثيل المواطنين والخروج من الأزمات الداخلية التي تعرفها الأحزاب، كما أن الوضع السياسي الحالي يتطلب النهوض بدور المحكمة الدستورية الفعال والقادر على النظر في الأداء الحزبي وتطهير الممارسة السياسية من كل الممارسات والأفعال المخالفة للدستور، وأيضا اعادة النظر في طريقة تمكين كل الاحزاب من الحصول على مقاعد جماعية ونيابية دون اقصاء للأحزاب الصغرى كحق دستوري، واحداث فدراليات حزبية لضمان وصول الاحزاب الصغرى الى البرلمان وهو ما يتطلب مراجعة العتبة و نمط الاقتراع بما يحقق الغاية الدستورية من وجود الأحزاب، واحاطة الانتخابات المقبلة بقانون جنائي انتخابي لمواجهة كل أشكال الجرائم التي تقترف ابان فترة الانتخابات، بالإضافة الى أمن انتخابي كافي لضمان سلامة العملية الانتخابية وتعبيد الطريق أمام مساواة المرشحين دون هيمنة غير أخلاقية أو غير قانونية تستعمل فيها وسائل غير مقبولة للظفر بالمقاعد. كما أن التحالفات في اطار فدراليات يمكنها التوافق حول استراتيجية انتخابية والتراضي بين كل الاحزاب حول كيفية ادارة البلاد سياسيا في اطار الثوابت بعيدا عن العنف السياسي والهيمنة واستغلال النفوذ أو عرقلة المرحلة، بالإضافة الى ضرورة الدفع بالعمل الحزبي منهجيا نحو تحقيق الأهداف التي تتماشى مع النموذج والرؤية التي سيسفر عنها عمل لجنة النموذج التنموي الجديد.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *