رسالة الاتحاد.. اللهم‭ ‬ارزقنا‭ ‬خصما‭ ‬عاقلا‬

يونس بلحبيب

اقترف‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬الأصالة‭ ‬والمعاصرة‮»‬‭ ‬تصرفا‭ ‬لامسؤولا،‭ ‬وهو‭ ‬يتناول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحزبه،‭ ‬وتناول‭ ‬شأنه‭ ‬الداخلي‭ ‬بشكل‭ ‬استفزازي‭ ‬يتجاوز‭ ‬الأعراف‭ ‬والتقاليد‭ ‬التي‭ ‬تأسس‭ ‬عليها‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬الكيانات‭ ‬الحزبية‭ ‬المغربية،‭ ‬وضاربا‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬بالأدبيات‭ ‬المتوخاة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬البينية‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭.‬

فلم‭ ‬يدَّخر‭ ‬جهدا‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬الأوصاف‭ ‬الحاقدة والنعوت‭ ‬المسمومة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬الحياة‭ ‬الداخلية‭ ‬لحزب‭ ‬القوات‭ ‬الشعبية‭.‬

لن‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬التذكير‭ ‬بأصل‭ ‬الأشياء‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬المحامي‭ ‬والوزير‭ ‬بحزب‭ ‬المهدي‭ ‬بن‭ ‬بركة‭ ‬وعمر‭ ‬بنجلون‭ ‬وعبد‭ ‬الرحيم‭ ‬بوعبيد‭ ‬وعبد‭ ‬الرحمان‭ ‬اليوسفي‭ ‬وكبار‭ ‬قادة‭ ‬المقاومة‭ ‬وجيش‭ ‬التحرير‭ ‬والنقابيين‭ ‬والوطنيين‭ ‬والطبقات‭ ‬الشعبية،‭ ‬فهذا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سيرة‭ ‬افتعلها،‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يستحقها‭ ‬فعلا‭ ‬لكي‭ ‬نذكره‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬لماذا‭ ‬وجد‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬حشر‭ ‬أنفه‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الاتحاد،‭ ‬عبر‭ ‬اللمز‭ ‬والهمز؟‭ ‬هل‭ ‬لأن‭ ‬الاتحاد‭ ‬ذكره‭ ‬بالأبجديات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬الديموقراطية‭ ‬المغربية،‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬طويلا‭ ‬عنها؟

فهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬الفعل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬وعندما‭ ‬أثارها‭ ‬الكاتب‭ ‬الأول‭ ‬للاتحاد‭ ‬الاشتراكي‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية،‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬زاويته‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬اجتهادا‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬بدعة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬رديفا،‭ ‬بل‭ ‬تحدث‭ ‬باسم‭ ‬الاتحاديات‭ ‬والاتحاديين‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب،‭ ‬بالمكتب‭ ‬السياسي‭ ‬والمجلس‭ ‬الوطني،‭ ‬وفي‭ ‬عموم‭ ‬التراب‭ ‬الوطني،لأن‭ ‬هذا‭ ‬الثابت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يكلف‭ ‬نفسه‭ ‬قراءته‭ ‬يقتضي‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬الترتيب‭ ‬الانتخابي‭ ‬عادة‭ ‬هو‭ ‬الحزب‭ ‬المؤهل‭ ‬للمعارضة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وأنه‭ ‬أقام‭ ‬استراتيجيته‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬ركائز‮:‬

+‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقود‭ ‬الحكومة،‭ ‬وأخرجته‭ ‬المنهجية‭ ‬الديموقراطية‭ ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬القيادة‭.‬

+‬‭ ‬الهجوم‭ ‬العنيف‭ ‬على‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬تصدر‭ ‬الانتخابات،‭ ‬وتقديمه‭ ‬كحزب‭ ‬لمتعهدي‭ ‬الرساميل‭ ‬يعمل‭ ‬أصحابه‭ ‬على‭ ‬كنز‭ ‬المال‭ ‬وتصريف‭ ‬الأعمال،‭ ‬وعلاقتهم‭ ‬بالسياسة‭ ‬علاقة‭ ‬زواج‭ ‬مصلحة‭.‬

+‬‭ ‬الهجوم‭ ‬المتعدد‭ ‬الجبهات‭ ‬على‭ ‬زعيم‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬رست‭ ‬عليه‭ ‬المنهجية‭ ‬الديموقراطية،‭ ‬

‬وتبخيس‭ ‬‮«‬بروفايله‭ ‬‮»‬وحرمانه‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬سيرة‭ ‬سياسية‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الحكومة‭…‬
ولن‭ ‬نثير‭ ‬التناقضات‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة،‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬بين‭ ‬التعالي‭ ‬على‭ ‬التسيير‭ ‬الحكومي‭ ‬والبحث‭ ‬عنه،‭ ‬ولا‭ ‬تراجعاته‭ ‬المتكررة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقوله،‭ ‬ولا‭ ‬هفواته‭ ‬التي‭ ‬يتراجع‭ ‬عنها‭ ‬بلا‭ ‬مقدمات‮!!!‬‭ ‬وهذه‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬جدواها‭ ‬حقا‭ . ‬

لقد‭ ‬أفرد‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬لحزب‭ ‬الأصالة‭ ‬والمعاصرة‭ ‬حيزا‭ ‬انفعاليا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬للاتحاد‭ ‬بمهاجمة‭ ‬حزب‭ ‬القوات‭ ‬الشعبية،‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬سلوكه‭ ‬السياسي‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬موقفه‭ ‬منه،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬السيادة‭ ‬النضالية‭ ‬للاتحاديات‭ ‬والاتحاديين،‭ ‬ويتجاوز‭ ‬رأيه‭ ‬هو‭ ‬بكثير‭ ‬،‭ ‬دون‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬الخرجات،‭ ‬التي‭ ‬اعتاد‭ ‬عليها‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬قيادة‭ ‬حزبه‭.‬

إن‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬حزب‭ ‬الداخلية‭ ‬نزوع‭ ‬للأسف‭ ‬يتقوى‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬محطة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬الاتحاد‭ ‬وقواته‭ ‬الشعبية‭ ‬هدفا‭ ‬للنصال‭ ‬والسهام‭ ‬والحيل‭ ‬والدسيسة‭ ‬وقد‭ ‬اعتاد‭ ‬الاتحاديات‭ ‬والاتحاديون‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ولم‭ ‬يسلم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬قادته،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الذي‭ ‬يتغنى‭ ‬بهم‭ ‬السياسي‭ ‬المذكور‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬الخفية‭ ‬والمعلنة‭…‬
‭ ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬التلفع‭ ‬بلباس‭ ‬المدافع‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬ونضال‭ ‬الاتحاد‭ ‬لن‭ ‬يجدي‭ ‬نفعا‭ ‬ولن‭ ‬ينطلي‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬يدبر بليل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محطة‭ ‬كما‭ ‬قلنا،‭ ‬وما‭ ‬اقترفه‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬‮«‬أعراض‭ ‬التغول‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬اجتهد‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬تبيانه،‭ ‬وثبت‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يملي‭ ‬السلوكات‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬أصحابه‭.‬

لقد‭ ‬اعتاد‭ ‬الاتحاديون‭ ‬والاتحاديات‭ ‬أن‭ ‬يطالبوا‭ ‬بخصومة‭ ‬العاقل،‭ ‬ويكررون‭ ‬عند‭ ‬العكس‭: ‬‮«‬اللهم‭ ‬ارزقنا‭ ‬خصما‭ ‬عاقلا‮»!‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *