رمضان على الأبواب.. لهيب الأسعار يرهق المغاربة وسط عجز حكومي عن ضبط السوق!

مع اقتراب شهر رمضان، تتفاقم الأزمة المعيشية في المغرب بسبب الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية، ما يجعل الأسر المغربية في مواجهة مباشرة مع موجة غلاء تهدد استقرارها الاقتصادي، بينما تكتفي الحكومة بتقديم تبريرات لا تعكس الواقع الميداني.

وتشير التقارير الرسمية إلى ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك بنسبة %0.8 خلال يناير 2025، حيث زادت أسعار المواد الغذائية بنسبة %1.6، بينما بقيت أسعار المواد غير الغذائية مستقرة. كما عرف مؤشر التضخم الأساسي ارتفاعًا بنسبة %2.0 خلال شهر واحد، وبنسبة %4.2 على أساس سنوي، ما يؤكد تفاقم الضغوط على القدرة الشرائية للمغاربة.

وشهدت الأسواق زيادات متفاوتة في أسعار المواد الغذائية، حيث ارتفع ثمن السمك وفواكه البحر بنسبة %6.0، والخضر بنسبة %4.7، واللحوم بنسبة %2.0، والفواكه بنسبة %1.6، فيما سجلت الحليب ومشتقاته والبيض زيادة طفيفة بـ %0.6، والقهوة والشاي والكاكاو بـ %0.5. وعلى النقيض، تراجعت أسعار المياه المعدنية والمشروبات الغازية بنسبة %5.0، دون أن يكون لهذا التراجع أي تأثير إيجابي على جيوب المواطنين، فيما قفزت أسعار خدمات المطاعم والمقاهي بنسبة %3.0، مما يزيد من الأعباء اليومية للأسر.

ولم يقتصر التفاوت في ارتفاع الأسعار على المواد الاستهلاكية فقط، بل طال مختلف المدن، حيث تصدرت سطات قائمة الزيادات بنسبة %1.5، تليها آسفي بـ %1.3، ثم تطوان وكلميم والحسيمة بـ %1.1، في حين سجلت العيون انخفاضًا مفاجئًا بنسبة %5.0، ليبقى الغلاء واقعًا ملموسًا في معظم مناطق البلاد.

وفي ظل هذا الوضع، يواجه المغاربة معضلة حقيقية مع اقتراب شهر رمضان، حيث يُتوقع أن يرتفع متوسط إنفاق الأسر بنسبة %18.2، مما يفاقم الضغط على القدرة الشرائية، خاصة لدى الفئات الأقل دخلًا التي ارتفعت نفقاتها بنسبة %4.8، بينما زادت نفقات الطبقة المتوسطة بـ %9.7، والفئة الأكثر دخلًا بـ %8.9. هذا التفاوت يعكس حجم الأزمة التي يعيشها المغاربة، وسط توقعات %83.3 من الأسر بمزيد من الارتفاع في الأسعار خلال الأشهر المقبلة، ما يعكس أجواء من التشاؤم إزاء المستقبل الاقتصادي.

الأسباب الكامنة وراء هذه الأزمة متعددة، منها الجفاف الذي أثر على الإنتاج الزراعي، وارتفاع تكاليف النقل بفعل زيادة أسعار الوقود، بالإضافة إلى المضاربة التي يقوم بها الوسطاء والتجار لتحقيق أرباح سريعة على حساب المستهلك. وعلى الرغم من تأكيدات وزير الفلاحة بأن الإنتاج الوطني يغطي الطلب الداخلي، إلا أن الأسواق تعكس حقيقة مغايرة، حيث تستمر الأسعار في الارتفاع بسبب ضعف الرقابة واستمرار فتح المجال أمام الصادرات الفلاحية دون اعتبار لحاجة السوق المحلي.

ووجدت الحكومة نفسها في مرمى الانتقادات داخل البرلمان، حيث اعتبر نواب أن التدابير المتخذة غير كافية وأن الدولة عاجزة عن مواجهة اللوبيات التجارية التي تتحكم في الأسعار. ودعوا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة مثل تسقيف الأسعار وإعادة هيكلة السياسات الزراعية لضمان توفير المواد الأساسية بأسعار في المتناول، بدلًا من ترك المواطنين يواجهون وحدهم تداعيات أزمة اقتصادية تتفاقم دون حلول واضحة.