في 21 مارس 2025، تكون قد مرت تسع سنوات كاملة على صدور الحكم القضائي القاضي بتصفية شركة “سامير”، المصفاة الوحيدة لتكرير البترول في المغرب. تسع سنوات من الغموض، والمراوغة، وفاتورة وطنية باهظة لا تزال تنزف من خزينة الدولة وجيوب المواطنين.
الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ “سامير”، أطلق ناقوس الخطر من جديد، عبر بلاغ ناري، ذكّر فيه المغاربة بأن مسلسل تدمير الأمن الطاقي الوطني بدأ منذ لحظة خوصصة الشركة في عهد حكومة عبد اللطيف الفيلالي، وتفاقم خلال فترة عبد الإله بنكيران، تزامناً مع قرار تحرير أسعار المحروقات، وإقبار دور مجلس المنافسة، لتُترك البلاد فريسة لمضاربات السوق ونفوذ لوبيات التوزيع.
وفي هذا السياق، لم يتردد اليماني في تحميل الحكومات المتعاقبة مسؤولية التدهور المستمر، مشيراً إلى أن تعطيل مصفاة “سامير” كلّف المغرب خسائر جسيمة على مستوى التوازن الطاقي، واحتياطي العملة الصعبة، واستقرار الأسعار، بل وهدد الأمن الاجتماعي بعد ضياع آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة.
لكن السؤال الذي يطرحه اليماني اليوم، والذي بات يفرض نفسه بإلحاح على الساحة السياسية والاقتصادية، هو: هل تملك حكومة عزيز أخنوش الشجاعة السياسية لإنهاء هذا العبث، وتغليب المصلحة الوطنية على حسابات “الربح والبيع والشراء”؟
أم أن رئيس الحكومة، المعروف بكونه أحد كبار الفاعلين في سوق المحروقات، سيواصل دفن الملف، حماية لمصالح شركات التوزيع، ودون اعتبار للضرر الوطني الذي خلفه هذا الإغلاق الطويل للمصفاة؟
اليماني لم يُخفِ تشاؤمه، بل ذهب أبعد من ذلك حين اعتبر أن “السكوت” المستمر منذ تسع سنوات، والإصرار على تعطيل ملف الإنقاذ، هو “قرار سياسي” بامتياز، يُخدم مصالح فئة محدودة على حساب ملايين المغاربة. وأضاف: “هل نحتاج إلى أكثر من تسع سنوات لنفهم أن غياب تكرير النفط في المغرب جعلنا رهائن في يد شركات تستورد وتوزع وتُحدد الأسعار كما تشاء؟”
في ظل هذا الواقع، تتصاعد الأصوات المطالبة بإعادة الاعتبار لمصفاة “سامير”، ليس فقط باعتبارها مؤسسة صناعية استراتيجية، بل كرمز لسيادة الطاقة، وعدالة الأسعار، واستقلال القرار الاقتصادي الوطني.
التاريخ يسجل.. فهل تجرؤ حكومة أخنوش على كتابة نهاية مختلفة لهذا الملف؟ أم أن منطق السوق سيبقى سيد الموقف؟