جعفر يكتب: تنبؤات 2020 .. المغرب معني بالتحولات الدولية والإقليمية الجديدة

هاشتاغ:
سعيد جعفر يكتب: تنبؤات 2020

المملكة المغربية معنية بالتحولات الدولية والإقليمية الجديدة و « دوغما القومية في الداخل » لا بد أن تنتبه لما يحدث.

ثلاث أحداث دالة وقعت في اليومين الأخيرين في 2019،

– بداية تنفيذ تصدير إسرائيل للغاز للأردن عبر أربد لمدة 15 سنة مقابل عشرة مليارات دولار وتوقيع نتنياهو بالعاصمة أثينا لإتفاق تاريخي مع اليونان وقبرص لتمرير الغاز الإسرائيلي إلى أوربا.
– توقيع اتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية لمحاربة ما تسميهم الخارجون عن القانون الليبي
– حصار السفارة الأمريكية في بغداد من طرف أنصار الحشد الشعبي و اتهام أمريكا لإيران بالوقوف وراء الحصار واكتفاء ترامب بالقول بعدم رغبته في الدخول في حرب مع إيران.

في تقديري هذه الأحداث الثلاثة هي الخطوة الفعلية الرابعة في مخطط « الشرق الأوسط الكبير » الذي دشنته أمريكا في نهاية الثمانينيات (1989).

ابتدأت الحلقة الأولى بغزو العراق والتموقع في عمق الشرق الأوسط بعد أن كانت الخطة تتوقف عند دعم وحماية الحلفاء في الخليج المشكلة لمجلس التعاون الخليجي.

ثم كانت أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001 في أمريكا وما صاحبها من تأويلات.

ثم أحداث الربيع العربي التي غطت كل الدول العربية وادت إلى تغيير قيادات عربية وصعود المكون الإسلامي ممثلا في الإخوان المسلمين والنهضة والعدالة والتنمية بغطاء أجنبي

وصولا إلى توقيع إسرائيل لأول اتفاق تاريخي مع دولة عربية في إنهاء واضح لمبدأ عدم التطبيع الذي سارت عليه الدول العربية منذ 1973 على الأقل، وصولا إلى توقيع اتفاق سياسي-عسكري بين تركيا و حكومة الوفاق الليبية بشأن الحماية الداخلية.

ما يجب تنبيهه إلى أن مخططات القوى العظمى تكون عشرية كل عشر سنوات تقريبا (1990- 2001- 2011- 2020)،

وعليه، وبناء على المعطيات أعلاه، وبناء على ما يتوفر في توقعات كبار الإستراتيجيين الأمريكان والروس، يمكن توقع ما يلي:

1- أن منطقة المغرب العربي والساحل، وخصوصا ليبيا ونسبيا مصر والجزائر، ستتحول إلى منطقة حرب قريبة مما وقع في سوريا والعراق وستتكفل تركيا بهذه المهمة وستكون منطقة الساحل منطقة متحركة أكثر.
لا يستبعد تحول الآلاف من إرهابيي داعش والنصرة والجماعة الإسلامية المقاتلة إلى ليبيا وتحركهم على حدود ليبيا ومصر (1049كلم) وحدود ليبيا والجزائر (982 كلم) ومع تونس ( 461 كلم) ودول الساحل (الحدود مع النيجر ومالي خصوصا).

2- إن مخطط الشرق الأوسط الكبير ينجح في فك الطوق العسكري والسياسي والتجاري عن إسرائيل بأدوات تركية-قطرية، وبعد الدور القذر لتركيا في إنهاك مقدرات سوريا العسكرية والسياسية ها هي تتوجه بمقابل إلى إضعاف المقدرات العسكرية والسياسية لمصر عبر إلهائها غربا وإنهاك قدراتها العسكرية و إخلاء حدودها مع إسرائيل عبر غزة أو على الأقل تخفيض عدد قواتها العسكرية وعتادها مع إسرائيل (حوالي 267 كلم).

3- ستجد إسرائيل نفسها في موضع أحسن مطلع 2020، اذ وبعد بداية تنفيذ اتفاقها لتصدير الغاز الاسرائيلي (في حقيقته غاز فلسطيني تم الاستيلاء عليه) ب10 مليارات دولار، وقع نتنياهو اتفاقا تاريخيا مشتركا مع حكومتي قبرص واليونان لمد خط الغاز إلى أوربا.
وبعد تعاملاتها التجارية مع تركيا التي تتجاوز سنويا 6 مليار دولار فإن إسرائيل تنجح اليوم في تفتيت الطوق العربي عن طريق أردوغان الذي اضعف الجبهة السورية ويتوجه لإضعاف الجبهة المصرية،
وهكذا سيحرر اسرائيل من توصيات اتفاق 1973 الذي انتصر فيه التحالف المصري السوري على اسرائيل وألزمها بحدود منزوعة السلاح ممثلة في صحراء سيناء وهضبة الجولان ومزارع شبعة، ومن هنا نفهم سر قول ترامب بأن الجولان اسرائيلية وأن القدس اسرائيلية.

4- الجزائر لن تكون بمنأى عن هذا الوضع والعداء الذي كان يبديه قايد صالح و شنقريحة ويجهر به الرئيس قيس سعيد الذي سيدخل تونس صعوبات سياسية واقليمية كبيرة، ضد فرنسا يدخل ضمن هذه الترتيبات.

5- ما يهمنا كثيرا في المغرب هو فهم هذه التحولات الجديدة، ويبدو أن الدولة المغربية عبر كل مؤسساتها وأجهزتها على علم بالأوضاع الجديدة.
إن قرار وزارة الخارجية بإعادة تدقيق اتفاقية التبادل الحر مع تركيا مهم وضروري.

وتوسيع اتفاقات المغرب مع قطر مهم.
وانخراط المغرب في خطط محاربة الارهاب مهم والمأمول الا تكون الأحداث في ليبيا عنصر ضغط إضافي على مقدرات المملكة المغربية.

نقطة أخيرة مهمة جدا تتعلق بالموقف المتوازن للمملكة من القضية الفلسطينية وعلاقاتها مع القوى العظمى.
في هذا الصدد يجب الانتباه إلى جديد توقيع المملكة الأردنية لاتفاق مد الأردن بالغاز الاسرائيلي وتحول موقف السعودية من الموضوع برمته.
اليونان التي ترأست الأممية الاشتراكية على عهد بابانديرو كان لها موقف إيجابي من القضية الفلسطينية؛ الحكومة الحالية تتحول إلى شريك لإسرائيل وتتبع تركيا في سياسة تبادلاتها مع اسرائيل.

للمملكة المغربية سوابق تاريخية مع اليهود المغاربة وعلاقات وجدانية وقومية مبدئية مع فليسطين، ومؤكد أن السياسة الحكيمة لجلالة الملك أعزه الله كافية لتغليب مصالح المملكة المغربية في سياق التحولات الدولية والإقليمية الجديدة مع مطلع 2020.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *