سفيان خيرات يكتُب: اليسار المغربي وقيمة التشبث بالملكية

بقلم: سفيان خيرات

لم يرث اليسار المغربي عن الثورة الفرنسية، التي أطاحت بلويس السادس عشر، سوى عقدة الملكية.

نسي أن جميع التجارب التي قادت إلى الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم حافظت على العرش الملكي كرمز لوحدة الشعوب تحت راية واحدة، كما هو الحال في إنجلترا وهولندا وغيرهما.

هذه العقدة ستتغذى لاحقًا من الفكر القومي العربي، خاصة مع ارتباط العديد من قادة الحركة الوطنية المغربية بإيديولوجيته ومساره السياسي. ولم ينتبه جزء من اليسار المغربي إلى أن الفرنسيين أعادوا النظام الملكي إلى الواجهة، لكن عبر بوابة الجمهورية الخامسة، التي دشنها الجنرال ديغول سنة 1958.

هذا الارتداد، الذي نعيشه اليوم، هو في جوهره إعادة إنتاج لأطروحة التضاد بين الديمقراطية والملكية.

بطبيعة الحال، سيدرك الجزء الأكبر من اليسار المغربي أنه لا ديمقراطية بدون ملكية، لكن البعض سيظل يبحث عن تناقض مفتعل بينهما، ليؤسس لمسارات سياسية لم تفرز سوى التشتت، وهدر الطاقات، وإضاعة الأعمار في السجون، مقابل وهم الجمهورية.

لكن في النهاية، سيعي هؤلاء – وإن متأخرًا – أن وحدة الوطن تأسست على قاعدة جدلية الإجماع الوطني والاختيار الديمقراطي.

مناسبة هذا التذكير، هي عودة البعض إلى نبش معادن الحقد الدفين، تحت غطاء موضة الدفاع عن الحقوق الفردية لا الجماعية، من على تلال قصر المرادية.

عندما اندلعت الانتفاضة الجزائرية، وقرر الجنرال ديغول منح الجزائر لسكانها المحليين بعد أن كانت إقليمًا فرنسيًا، خاطب النخبة الفرنسية قائلاً: “هل تريدون أن يكون على رأس الدولة رجل مسلم؟”

وعلى إثر هذا القرار، تعرض ديغول لمحاولة اغتيال فاشلة، لكنه نجح بعدها في إرساء أعظم فترة ازدهار في تاريخ فرنسا المعاصر.

فهل سيتعلم بعض قادة اليسار المغربي من هذا الدرس، ويتوحدون لاستكمال الوحدة الترابية تحت يافطة واحدة عنوانها الديمقراطية واستقلال القرار السياسي الوطني؟
ذلك هو المأمول في القادم من الأيام.