سوس ماسة على صفيح ساخن.. صراع الأحرار والبام والبيجيدي والاستقلال يحتدم في قلب أكادير

مولاي العربي أحمد
تصاعد في مدينة أكادير وتيرة المنافسة الحزبية مع اقتراب الانتخابات المقبلة، حيث تحولت المدينة إلى مركز استقطاب مكثف لأربع أحزاب رئيسية هي التجمع الوطني للأحرار، حزب الأصالة والمعاصرة، العدالة والتنمية، وحزب الاستقلال، في صراع سياسي واضح على الفوز بمقاعد البرلمان وتعزيز الحضور المحلي.

في الأثناء، تُظهر التحركات الأخيرة لحميد وهبي، الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة سوس ماسة، رغبة واضحة في إعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب. وتأتي هذه التحركات مدفوعة بتوجيهات القيادة الجماعية للحزب، بقيادة فاطمة الزهراء المنصوري، التي تسعى إلى مواجهة التحركات المتسارعة لحليف الأمس وخصم اليوم، حزب التجمع الوطني للأحرار. هذا الأخير كثف نشاطه بالجهة عبر سلسلة لقاءات وأنشطة تواصلية ذات طابع انتخابي تعبوي، في محاولة لترسيخ موقعه السياسي في سوس ماسة.

وأكدت مصادر حزبية أن وهبي، الذي عاد مؤخراً إلى الواجهة بعد غياب لأسباب صحية، تلقى إشارات من مركز القرار الحزبي بضرورة تفعيل الجبهة التنظيمية، خاصة بعد تحذيرات داخلية من تراجع تموقع الحزب في بعض الدوائر الحيوية بفعل فتور العلاقة مع القواعد وانكماش التنظيم.

من جهته، أكد رئيس الحكومة وعزيز أخنوش، خلال لقاء حزبي بمدينة أكادير ضمن جولات “مسار الإنجازات”، عزمه مواصلة العمل الحكومي حتى نهاية الولاية، مشدداً على جدية حكومته في إنجاز الالتزامات بعيداً عن “الفرقعات الإعلامية”. واعتبر أخنوش جهة سوس ماسة محطة استراتيجية لحزب الأحرار، مشيراً إلى “مسارات الثقة والتنمية” التي شهدتها الجهة، والتي دخلت الآن في “مسار الإنجازات” ضمن رؤية تنموية أوسع تشمل الجهات الجنوبية الثلاث.

أما حزب العدالة والتنمية، فيواصل تحركاته الميدانية استعداداً للمؤتمرات الجهوية، التي ستُعقد في أكادير يوم 5 يوليوز 2025، في إطار تجديد هياكل الحزب وتعزيز حضوره السياسي، خصوصاً بعد نجاح مؤتمره الوطني التاسع. ويُعد نشاط الحزب في جهة سوس ماسة ذا رمزية خاصة، إذ تستقطب الجهة اهتماماً كبيراً من قيادات الحزب على المستويات العليا.

وليس من الصدفة أن تحظى أكادير باهتمام مكثف من قِبل الأمناء العامين والأحزاب الكبرى، حيث شهدت الجهة نشاطات لحزب التقدم والاشتراكية، بحضور نبيل بن عبد الله في تزنيت، وللحركة الشعبية بقيادة محمد أوزين في شتوكة، إضافة إلى تواجد قيادات بارزة من حزب الاستقلال بأكادير.

وإلى جانب هذه الحضور، يعد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من أبرز الشخصيات التي تقود التحركات الجهوية، عبر تأطير لقاءات في أكادير وأولاد برحيل، ومؤتمره الجهوي المرتقب في بداية يوليوز.

ويعود التركيز الكبير على جهة سوس ماسة، وأكادير بشكل خاص، إلى الدور السياسي المركزي لرئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، الذي يرأس أيضاً المجلس الجماعي لمدينة أكادير، حيث تعتبر الجهة معقلاً انتخابياً استراتيجياً لحزب التجمع الوطني للأحرار. وأي تراجع انتخابي في هذه الدائرة سيكون له تأثير كبير على الموازين السياسية داخل الحزب وعلى الساحة الوطنية.

وفي ظل غياب إنجازات واضحة تُحسب للمجلس الجماعي الحالي، من المتوقع أن يلجأ حزب “الحمامة” إلى الاستثمار في المشاريع الملكية الكبرى التي شهدتها المدينة، وربطها بخطابه الانتخابي لتعزيز مكانته، في مواجهة منافسة حزبية قوية من طرف الأحزاب المنافسة.

ويبرز في الوقت ذاته غياب بارز لحزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية عن المشهد السياسي الفعلي في أكادير، ما يطرح تساؤلات حول استراتيجياتهما الانتخابية وموقعهما في جهة سوس ماسة.

تظل أكادير، إذن، محوراً رئيسياً في خارطة الصراع السياسي المغربي، بصفته ساحة اختبار حقيقية لمدى قوة وتأثير الأحزاب الكبرى قبيل الانتخابات المقبلة، حيث تتقاطع فيها مصالح التنمية المحلية والرؤية الوطنية للأحزاب، في معركة حامية الوطيس على مقاعد البرلمان ومستقبل المشهد السياسي الوطني.