سوق الماشية.. الفوضى وغياب المراقبة تصعب على المغاربة نحر أضحية العيد

قبل شهور من عيد الأضحى، أكد المستوردون ومربو الماشية والمسؤولون المغاربة بأن الأضاحي ستكون متوفرة بأسعار مناسبة، وأن الدعم الحكومي سيخفف العبء عن الأسر.

لكن عندما اقترب العيد، اصطدم المواطنون بواقع مختلف تمامًا، حيث ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، وتحولت الأضحية من شعيرة دينية إلى رفاهية لا يقدر عليها سوى الأغنياء و الميسورون.

هذا، و رغم التصريحات المتفائلة التي أكدت أن الأسعار ستتراوح بين 1500 و4000 درهم، فوجئت الأسر المغربية في الأسواق بأسعار تفوق ذلك بكثير، مما جعل اقتناء الأضحية حلماً بعيد المنال للكثيرين.

وبينما كانت وسائل الإعلام تروج لصورة سوق متوازن ومعروض وفير، كانت الحقيقة مختلفة تمامًا، حيث وجد المواطن نفسه أمام أسعار لا علاقة لها بالوعود التي سمعها قبل العيد.

الدعم الحكومي الذي خصص لهذا القطاع لم و لن ينعكس على جيوب المواطنين، بل سيمتهى في أيدي الوسطاء والمضاربين الذين استغلوا الأزمة لرفع الأسعار وتحقيق أرباح خيالية.

فرغم أن الدولة سهلت الاستيراد وقدمت مساعدات لمربي الماشية، إلا أن ذلك لم يؤثر إيجابًا على الأسعار، مما يطرح تساؤلات حول من المستفيد الحقيقي من هذه الإجراءات، ولماذا لا يشعر المواطن بأي تحسن رغم كل هذه التدخلات؟

مع استمرار الأزمة الاقتصادية والجفاف، طُرحت فكرة إلغاء عيد الأضحى هذا العام لتخفيف العبء عن الأسر التي تعاني أصلاً من ارتفاع تكاليف المعيشة.

لكن هذا المقترح قوبل برفض شديد من “الكسابة” والمستفيدين من سوق المواشي، الذين اعتبروا أن أي تراجع في الطلب سيكبدهم خسائر مادية كبيرة.

في المقابل، لم يسأل أحد عن حال الأسر التي تجد نفسها بين خيارين أحلاهما مر: إما الاقتراض وتحمل الديون لتوفير أضحية العيد، أو مواجهة إحراج العجز أمام أطفالها ومجتمعها.

الأزمة الحالية لا ترتبط بندرة العرض، بل بغياب الرقابة وضعف التدبير، حيث تحولت أسواق الأضاحي إلى ساحة مفتوحة للمضاربة والاحتكار.

فرغم الحديث عن وفرة المواشي، إلا أن الأسعار تواصل الارتفاع بشكل غير منطقي، مما يجعل من الصعب تصديق الرواية الرسمية التي تتحدث عن استقرار السوق.

وإذا كانت الحكومة قد تدخلت بالفعل لضبط الأسعار، فلماذا لم يشعر المواطن بأي تحسن؟

في ظل هذا الواقع، لم يعد عيد الأضحى بالنسبة لكثير من المغاربة مناسبة للفرح والتكافل، بل تحول إلى اختبار صعب للقدرة على التحمل.

ومع استمرار هذا الوضع سنة بعد سنة، يبدو أن الأضحية أصبحت عبئًا اقتصاديًا بدلاً من كونها شعيرة دينية، في ظل منظومة تسير لصالح المضاربين وتترك المواطن وحيدًا في مواجهة أسعار لا ترحم.