وكالات
يعد “سوق المغرب” أو “مرسى ماروك”، كما يحلو للموريتانيين تسميته، أكبر سوق من نوعه للخضر والفواكه بموريتانيا، والمزود الرئيسي للعاصمة نواكشوط وباقي المدن والولايات بهذه المنتوجات، وغيرها من المواد الغذائية الأساسية المستوردة من المغرب، لتشكل بذلك القلب النابض لرواج اقتصادي كبير.
كما تمثل هذه السوق، التي تقع في قلب نواكشوط، الوجهة الرئيسية للفارين من شبح البطالة، بالنظر لما توفره من فرص عمل ترتبط بتجارة الخضر والفواكه وغيرها، سواء عبر اقتنائها لإعادة بيعها بالتقسيط، أو نقلها للمحال والأسواق الأخرى بالعاصمة وضواحيها وكذا إلى المدن الأخرى، وفي أضعف الأحول الاشتغال في تفريغ عشرات الشاحنات التي تصل يوميا إلى السوق قادمة من المغرب، محملة بهذه البضائع.
وتعرف السوق نشاطا دؤوبا، إلى الحد الذي يصعب معه الوصول إليها، جراء الازدحام الشديد الذي تعرفه الطرق والمسالك المؤدية إليها، على مدار اليوم، إذ ينتشر في محيطها، وبكثافة، بائعات وباعة متجولون، منهم موريتانيون وآخرون ينحدرون من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، يعرضون على قارعة الطرق البضائع التي يقتنونها من “مرسى ماروك”، مما يجعل منها المحور الرئيسي لحركة اقتصادية وأنشطة تجارية تدر أرباحا وعائدات مجزية، خاصة وأنها تستقطب آلاف الزبائن، من كل حدب وصوب.
فالكل يجد ضالته في “سوق المغرب”، التي سميت كذلك بحكم وقوعها على مقربة من مسجد الحسن الثاني المعروف كذلك ب”مسجد المغرب”، بمن في ذلك تجار الخضر والفواكه من بعض البلدان المجاورة، مثل السنغال ومالي، الذين يقصدونها لتصريف بضاعتهم، ثم يتزودون بالمنتوجات المغربية، لإعادة ترويجها في الأسواق المحلية ببلدانهم، ناهيك عن اليد العاملة المحلية والأجنبية، التي ترفع من وتيرة الزخم على مستوى السوق ومحيطها، علاوة عن المشتغلين بإيصال هذه البضاعة، على متن سيارات النقل والدراجات ثلاثية العجلات والعربات المدفوعة، بل وحتى المجرورة منها بالدواب.
وفي هذا السياق، يقول حسن الحواص، وهو أكبر مستورد وموزع للخضر والفواكه بالجلمة في “مرسى ماروك”، إنه وإذا كانت هذه السوق تعج بتجار هذه البضاعة، من موريتانيين وأجانب ومغاربة، فإن هؤلاء يأتون في الصدارة، بفعل انتظامهم في تزويد السوق بكميات كبيرة، وكذا لدورهم في تشغيل اليد العاملة المحلية والأجنبية بأعداد لا يستهان بها، ليساهموا بذلك في الحركة التجارية والرواج الاقتصادي، في مختلف الولايات الموريتانية، وحتى على مستوى المناطق النائية بالنظر إلى أن البلد مترامي الأطراف، مبرزا أن السوق أضحت تمثل أيضا أرضية إقليمية لتصدير كميات وافرة إلى بلدان الجوار.
وقدر الحواص، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، كميات الخضر والفواكه التي يستوردها من المغرب، كل أسبوع، بما بين 300 و400 طن، مشيرا إلى أن “سوق المغرب” تستقبل كل أسبوع ما لا يقل عن 30 شاحنة من الحجم الكبير قادمة من المملكة.
وفي لقاء مماثل، يتذكر إبراهيم ولد حنيفة، (نحو 60 عاما)، الذي يوصف بأنه “أكبر مغروم” بهذه الرياضة في البلاد، وهو صاحب مطعم معروف بتقديم أكلة “اللبلابي” الشهيرة في تونس، كيف أحرز كل تلك البطولات بفضل تعامله مع الأكباش وطريقة تربيته لها، وشغفه الكبير بهذه الرياضة.
ويتحدث ولد حنيفة بتأثر عن هواية مصارعة الأكباش التي ظلت تحافظ عليها العديد من الأسر التونسية، وتاريخ النزالات الشهيرة، والأكباش التي أحرز معها البطولات، وقد حرص على أن يطلق عليها أسماء، وكأنه يريد أن يحفظ بها ذكراها، ومنها “الروسي” و”عنتر” و”بولونة” و”صابر”، و”الأضرع” و”سيف النار”.
ويتذكر ولد حنيفة بحسرة ما لبثت أن فضحتها م قلتاه، كيف أن أحد أكباشه نفق مسموما على يد غريم له، لم يجد من سبيل لهزمه سوى تلك المكيدة.
تعلو أسعار أفضل الأكباش النطاحة، – يقول ولد حنيفة -، إلى مستويات تجعلها تتضاعف لأكثر من عشر مرات، فتصبح بعيدة عن متناول الكثيرين، إذ بيع بعضها بما يزيد عن 5000 دينار (أورو يساوي 3,30 دينار)، ولذلك فإن معظم المولعين يفضلون تربيتها منذ الصغر إلى أن تبلغ مستوى النضج، أو قل “الاحتراف”، لخوض مباريات ضارية يسطع بها نجمها في “مجتمع” الخرفان.
وعلى الرغم من كل هذا الشغف، و وجود جمهور متعطش، و حد أدنى من التنظيم، فإن هذه الرياضة تصارع مع ذلك لتجد لها موطئ قدم كباقي الرياضات، حيث يأمل منظمو مصارعة الأكباش أن يتم إحداث اتحاد يكفل لهذا النشاط استرجاع مجد تليد، ويجعله أكثر استقطبا للجمهور والسياح على حد سواء.
يقول العارفون بشؤون هذه الرياضة، إن إرهاصات إدخال نوع من التنظيم عليها تعود إلى السبعينات، عندما ظهرت فكرة تأسيس اتحاد يشرف على مبارياتها، غير أن خلافات ما لبثت أن دبت لتتوارى معها الفكرة، ولتستمر هذه الرياضة على نحو عفوي.
وبرأي الأنصار والمحبين فإن هذه الرياضية تتوفر على كل مقومات المنافسة والفرجة معا، ما يجعلها قمينة بالتنظيم، بعد أن ظلت مبارياتها تقتصر على الأحياء الشعبية، وتتخذ من الساحات حلبات للنزال، خلال الفترة التي تسبق عيد الأضحى، أو خلال شهر رمضان.
ولا تخلو قصص محبي رياضة تناطح الأكباش من طرائف، وهو ما أكده أحدهم حينما قال إن كشبه أصيب في إحدى النازلات فطار أحد قرنيه من شدة النطحات، ليوقف الحكم المباراة على الفور ويقصيه من المسابقة دون إبطاء، محققا القول المأثور “عند الن طاح ي غلب الكبش الأجم “، فيما ظل الكبش المنطوح وصاحبه واجمين لا حيلة لهما، و أنظار بعض المتحلقين ترميهما بسهام ساخرة من التعليقات، فيما يتهامس آخرون بملاحظات لئيمة، يحرصون على ألا تتناهى إلى أسماع صاحب الكبش التعيس، ومتهكم آخر ارتدى ثوب الناصح يوصيه بأن يأخذ كبشه الجريح رأسا إلى القصاب (الجزار) لعله يخفف من الخسارة الفادحة.