كريم التويمي/هاشتاغ
يثير نظام الدعم الموجَّه للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، الذي أعلنت عنه عزيزأخنوش رئيس الحكومة مؤخرا، موجة استياء واسعة داخل الأوساط المقاولاتية، بعد الكشف عن لائحة شروط تعتبرها فعاليات مهنية “تعجيزية” و“غير واقعية”، في وقت تعاني فيه آلاف المقاولات من صعوبات مالية خانقة تهدد باندثارها.

ورغم أن الحكومة تقدم هذا النظام باعتباره آلية لإنعاش الاستثمار وخلق فرص الشغل، إلا أن الكثير من المقاولين يرون أنه مجرد “حاجز إضافي” بدل أن يكون رافعة حقيقية، بالنظر إلى القيود الثقيلة المفروضة على المستفيدين.
أول الانتقادات يهم شرط التمويل الذاتي بنسبة 10 بالمئة من تكلفة المشروع، وهو ما تعتبره المقاولات الصغيرة “سقفاً مستحيلاً”، خاصة في ظل أزمة سيولة خانقة وارتفاع تكاليف التمويل البنكي.
كما يفرض النظام أن يكون المشروع بقيمة استثمارية تفوق مليون درهم، وهو شرط يخرج عدداً كبيراً من المقاولات الصغيرة جدا التي لا تملك القدرة على دخول مشاريع بهذا الحجم.
وإذا تجاوز المقاول هذه الشروط، يواجه شرطاً آخر يتعلق بإحداث مناصب شغل قارة، بمدة لا تقل عن 18 شهرا، في زمن لم تعد فيه المقاولات قادرة حتى على الحفاظ على مناصب الشغل الحالية.
رغم كثرة الشروط، تفاجأ المقاولون بأن سقف المنح لا يتجاوز 30 بالمئة من قيمة الاستثمار، موزعة بين منحة ترابية ومنحة للقطاعات الأولوية ومنحة للتشغيل، بنسب تتراوح بين 5 و10 و15 بالمئة فقط.
وصف العديد من الفاعلين هذه المنح بأنها “غير محفزة إطلاقاً”، خصوصا أنها لا تغطي حتى جزءا بسيطا من التكاليف الفعلية للمشاريع، ولا يمكن أن تعوض صعوبة الولوج إلى التمويل البنكي أو كلفة العقار أو ارتفاع مصاريف الإنتاج.
المقاولات المنتظرة للدعم تجد نفسها أيضاً أمام ملف إداري معقد، يتطلب وثائق جبائية واجتماعية، وقوائم مالية، وعقود عقار، وتصريحات مفصلة، مع ضرورة المرور عبر المنصة الإلكترونية والمراكز الجهوية للاستثمار.
في الواقع، هذه المتطلبات تُسقط عدداً كبيراً من المقاولات التي تعيش في الأصل على الإيقاع اليومي للبقاء، ولا تملك فرقاً قانونية ولا محاسبية لمجاراة هذا الكم من الإجراءات.
فكيف يمكن لمقاولة صغيرة أن تستثمر مليون درهم وهي غير قادرة على الاقتراض؟
وكيف يمكن مطالبتها بإحداث مناصب شغل وهي تحاول فقط ألا تُقفل أبوابها؟
وكيف تتحدث الوزارة عن دعم حقيقي بينما المنح التي تُمنح لا تكفي حتى لتغطية جزء من المخاطر الاستثمارية؟
هذه الأسئلة تجعل الكثيرين يرون أن النظام الجديد وُضع “من فوق مكتب”، بعيداً عن الواقع اليومي لصغار المستثمرين، الذين يمثلون أكثر من 90 بالمئة من النسيج الاقتصادي الوطني.
وإذا كانت الحكومة تراهن على المقاولات الصغرى كركيزة للتشغيل والإنتاج، فإن أول خطوة يجب أن تكون هي وضع شروط واقعية، ومنح قوية، وإجراءات بسيطة، وليس تعقيد المساطر ورفع سقف الالتزامات. وإلا فإن هذا النظام لن يكون سوى نسخة جديدة من البرامج التي تبدأ بإعلان طموح، وتنتهي دون أثر على أرض الواقع.






