شكري يكتب : نقطة الى السطر في موضوع مناقشة تقارير وكالات التنقيط

اسماعيل شكري

كلما انطلقت مناقشة قانون المالية السنوي تنطلق معه او على هامشه مناقشة تقارير وكالات التنقيط ، هذه الوكالات التي كثيرا ما لا يهتم بها و بتقاريرها الناس، برغم انها مؤسسات تزرع تقاريرها الرعب في الحكومات
لأنها أصبحت تملك قدرة كبيره على صناعة مناخ الاعمال اما إيجابا وإما سلبا، وذلك بواسطة تقاريرها التي تحدد مدى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية ومدى جديتها في مواجهة المخاطر التي تعترضها او ملائتها الائتمانية..
وللعلم فان هناك 150 مؤسسة متخصصة في التصنيف الائتماني، لكن سوق التصنيف محتكرة من اثنتين منها فقط وهما وكالة موديز ووكالة ستاندرد أند بورز، اللتين تحتكران أزيد من 80‎%‎ من هذا السوق
انها وكالات أصبحت موجهة لسوق الائتمان ومؤثرة فيه لدرجة ان تقاريرها قد تعرض شركات ودول للإفلاس و قصة شركة إنرون الأميركية للطاقة ليست ببعيدة، وهى قصة نجمت عن فضيحة قيام الوكالات بتخفيض تصنيف شركة إنرون للطاقة، ما أدى إلى إفلاسها، وخسارة حملة أسهمها لمليارات الدولارات.

تصدر هذه الوكالات تقييمًا عن الملاءة المالية للدول ومدى قدرتها على السداد تعتمد فيه على مجموعة من المعطيات تعتمد فيها على تقارير الدولة نفسها و على وكالات التقييم الاخرى وتعتمد لتقييماتها رموزًا خاصة مثل AAA الذي تكون معه الدولة مستقرة ائتمانيا مع درجة الاستثمار إيجابية، اما BBB فهي درجة مرضية في الوقت الراهن مع درجة سلبية غير استثمارية،هذا يعني انها تركز على السعة وقدرة الدولة على الدفع.
وهناك وكالات أخرى تركز في تصنيفها على مؤشرات أخرى مختلفة وهي غير مشهورة لانها ليست مما تعتمده الجهات المناحة او المستثمرة

وقد تجدد الاعتراض على هذه الوكالات وانتقدت انتقادًا شديدًا سواء من قبل المحللين الماليين او من قبل الدول نفسها التي تعتبر تقاريرها غير شفافة ولا مهنية ومتحيزة ، وذلك بعد أزمة الرهن العقار في الولايات المتحدة سنة 2007 ، والأزمة المالية التي أعقبتها 2008 حيث ثبتت مسؤوليتها المباشر في هذه الأزمات ، التي ربحت من ورائها ارباحا طائلة..

وقد تعرضت وكالات التصنيف الائتماني لجملة من الانتقادات بعد أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة عام 2007 والأزمة المالية العالمية التي أعقبتها في 2008، فقد تحدث بعض المتتبعين عن مسؤوليتها المباشرة في تفاقم هذه الأزمة بسبب تضليلها للمستثمرين عبر منح درجات عالية (AAA) لمنتجات مالية ذات جودة رديئة ونسبة مخاطرة عالية. وقد أكد هذا التقرير الذي أعدته لجنة تقصي حقائق بمجلس الشيوخ الأميركي برئاسة السيناتور الديمقراطي كارل ليفين، نشر يوم 22 أبريل/نيسان 2010،

وهذا ما حذا بالصينيين الى عدم الثقة فيها كليًا واعتبروا تقاريرها غير موضوعية ومسيسة قال وان جيانزونغ، رئيس الوكالة الصينية للتصنيف الائتماني “داغونغ” -على صفحات جريدة فايننشل تايمز في 22 يوليو/حزيران 2010- إن وكالات التصنيف الأميركية “لم تحذر الأسواق بشأن المخاطر بشكل صحيح، ودفعت بذلك المنظومة المالية الأمريكية برمتها إلى حافة الانهيار”. وقالوا إن “وكالات التصنيف الغربية مُسيسة وواقعة تحت تأثير الأيديولوجيا بشكل كبير، وأنها لا تعتمد معايير موضوعية”.
واليوم صدرت ترجمة كتاب اليورو لجوزيف-إي في سلسلة عالم المعرفة وهو الخبير بالتقييمات المالية ومستشارًا لعدد من هذه المؤسسات قال وهو يتحدث عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ” فقد رأيت مؤسستنا الشقيقة صندوق النقد الدولي (IMF) تحاول ان تفرض ما تراه (ما المانحين الآخرين) من سياسات اقتصادية … وكانت وجهات نظرهم خاطئة – وأحيانًا خاطئة للغاية- اذ ادى فرض صندوق النقد الدولي هذه السياسات في أغلب الأحيان الى حالات من الركود والكساد .”
انه وجد ان هذه التقارير خاطئة ومع ذلك تفرضها هذه المؤسسات على الدول المحتاجة الى المساعدة وذلك قصد تحقيق اهدف خاصة قد تكون مالية او اقتصادية او اجتماعية
ان تقارير هذه الوكالات أصبحت واقعا اقتصاديا اليوم ولا يمكن بحال من الأحوال اهمالها ولا التغاضي عنها وإنما على الدولة ان تنشئ مكاتب ومؤسسات داخلية تقوم بعملية التقييم وتوفر المعطيات الصحيحة والدقيقة عن الوضع الاقتصادي والمالي بالبلاد ، ووكالات التقييم كثيرا ما تعتمد على تقارير الدولة نفسها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *