في ظل أزمات خانقة تضرب القطاع الفلاحي، من جفاف ينهك الحقول إلى تكاليف إنتاج تثقل كاهل الفلاحين، خصصت وكالة التنمية الفلاحية (ADA) ميزانية صادمة بلغت 659 مليون سنتيم لحملة إشهارية تمتد على مدى 18 شهرًا للترويج لاستراتيجية “الجيل الأخضر”. خطوة اعتبرها مهنيون في القطاع إهدارًا فجًّا للمال العام، مؤكدين أن هذه الدعاية لا تعكس سوى محاولة يائسة لتجميل صورة المؤسسة على حساب معاناة الفلاحين الحقيقية.
ووفقًا للوثائق التي حصل عليها موقع “هاشتاغ”، خصصت الوكالة ميزانية تقدر بحوالي 6,599,107.20 درهم لهذه الحملة، أي حوالي 659.91 مليون سنتيم. تهدف الحملة إلى إنجاز مقالات صحفية، وبث إعلانات تلفزيونية وإذاعية، إضافة إلى استقطاب متابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وحسب الوثائق، تسعى وكالة التنمية الفلاحية من خلال الحملة الترويجية إلى بث إعلانات تلفزيونية مدتها 60 و93 ثانية باللغة العربية على القناة الوطنية “الأولى” خلال أوقات الذروة، بما في ذلك قبل نشرة الأخبار الرئيسية، وفي شهر رمضان بعد أذان المغرب.
كما ستشمل الحملة نشر 85 مقالا صحفيا، موزعة بين نصف صفحة وصفحة كاملة، في الصحف اليومية، الأسبوعية، والشهرية.
إضافة إلى ذلك، سيتم بث أربعة برامج إذاعية، مدة كل منها 45 دقيقة على الأقل، إلى جانب 60 إعلانًا إذاعيًا و8 بيلبوردات افتتاحية وختامية، عبر إذاعات ذات نسب استماع مرتفعة. وستُبث الإعلانات الإذاعية باللغات العربية، الأمازيغية، والفرنسية، على محطات وطنية وأخرى تحقق نسب استماع تتجاوز 6%، وفق تقارير استماع حديثة.
في جانب التواصل الرقمي، تهدف الحملة إلى تحقيق 100,000 تفاعل على إنستغرام واستقطاب 100,000 متابع على فيسبوك.
وفي هذا السياق، وصف مصدر مهني في القطاع الفلاحي في تصريح لموقع “هاشتاغ” هذه الحملة بـ”البهرجة الإعلامية” التي لا تخدم سوى مصالح ضيقة وتسعى لتلميع صورة مؤسساتية على حساب واقع فلاحي متأزم. مؤكدا أن الفلاح البسيط الذي يُفترض أن يكون محور أي استراتيجية تنموية يظل غائبًا تمامًا عن هذه المقاربة، مشيرًا إلى أن أموالًا طائلة تُهدر في إنتاج محتوى إشهاري عوض استثمارها في حلول جذرية لمشاكل القطاع، مثل نقص المياه وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وأضاف المصدر المتحدث لموقع “هاشتاغ” أن “الجيل الأخضر” لن يتحقق عبر إعلانات تُبث قبل نشرة الأخبار أو بعد أذان المغرب في رمضان، بل عبر سياسات واضحة وإجراءات ملموسة تُخرج الفلاح من دائرة المعاناة اليومية. معتبرا أن مثل هذه الحملات ليست سوى محاولة مكشوفة لشراء الوقت والرضا الشعبي، في حين يظل القطاع الفلاحي يعاني في صمت.