صناعة الأدوية في المغرب تحت رحمة الفوضى.. ارتفاع الأسعار، عراقيل إدارية، وتبعية تهدد الأمن الصحي!

عاد ملف اختلالات قطاع صناعة الأدوية في المغرب إلى الواجهة داخل قبة البرلمان، حيث قررت لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب عقد اجتماع يوم الأربعاء 12 فبراير، بحضور وزير الصناعة والتجارة، لمناقشة وضعية الصناعات الصيدلية والتحديات التي تواجهها، وذلك استجابةً لطلب فريق التجمع الوطني للأحرار.

وتواجه الصناعة الصيدلية في المغرب صعوبات متعددة، تبدأ من ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب الاعتماد الكبير على استيراد المواد الأولية من الأسواق الخارجية، مما يجعل القطاع عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على أسعار الأدوية ويحدّ من تنافسيتها.

كما أن تأخر إصدار التراخيص الخاصة بإنتاج وتسويق الأدوية، إضافة إلى التعقيدات الإدارية والبيروقراطية، يبطئ من إدخال الابتكارات الدوائية الجديدة إلى السوق.

وتشكل محدودية البحث العلمي والابتكار في المجال الدوائي تحديًا آخر أمام تطوير الصناعة المحلية، حيث يعاني القطاع من نقص في التمويل المخصص للأبحاث، مما يعرقل إنتاج أدوية جديدة محليًا، ويجعل السوق المغربي معتمدًا بشكل كبير على الأدوية المستوردة، رغم طموح المملكة إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا للصناعات الصيدلية.

هذا الوضع يفرض تحديات إضافية، حيث يؤدي ضعف الإنتاج المحلي إلى التبعية الخارجية، مما يعرض البلاد لمخاطر انقطاع بعض الأدوية الأساسية بسبب مشكلات الاستيراد أو ضعف القدرة الإنتاجية.

ورغم توفر مصانع محلية، إلا أن نسبة كبيرة من الأدوية المستهلكة لا تزال تُستورد، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة المغرب على تحقيق اكتفائه الذاتي في هذا المجال.

في المقابل، يعاني القطاع من غياب تحفيزات استثمارية قوية، بسبب نقص الحوافز الضريبية والجمركية الكفيلة بجذب المستثمرين المحليين والدوليين، إضافة إلى ارتفاع تكلفة إنشاء وحدات صناعية جديدة بسبب القيود القانونية والإدارية، وهو ما يعيق توسع الصناعة الصيدلية محليًا.

إلى جانب هذه الإشكاليات، تبرز تحديات أخرى تتعلق بجودة الأدوية ومدى تطابقها مع المعايير الدولية، حيث يتطلب تعزيز الرقابة على المنتجات الدوائية استثمارات إضافية لضمان جودتها ومطابقتها للمواصفات المعتمدة عالميًا.

هذه العوامل مجتمعة تجعل قطاع الصناعات الصيدلية في المغرب أمام تحدٍ كبير يتطلب إصلاحات عميقة لتجاوز العراقيل وتعزيز القدرة التنافسية، بما يضمن توفير أدوية ذات جودة عالية بأسعار معقولة للسوق المحلية ويعزز مكانة المغرب في السوق الدوائية الإقليمية والدولية.