صناعة الوهم.. قصة صعود وسقوط رؤساء التعاضدية العامة

ةتعتبر التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية نموذجا شيقا للدراسة ومفتاحا رئيسيا لفهم مآسي قطاع أساسي يهم شريحة مهمة من المغاربة أي الموظفون بالقطاع العام وشبه العام والجماعات الترابية لعدة اعتبارات منها أساسا أن هذه التعاضدية تضم لوحدها حوالي نصف موظفي القطاع العام المغربي من جهة ومن جهة اخرى لان هذه التعاضدية تستحوذ تقريبا على المشهد الاعلامي في القطاع التعاضدي المغربي ولكونها التعاضدية الوحيدة التي طبق في حقها قرار حل الاجهزة المنتخبة ديموقراطيا مرتين متتاليتين خلال عشر سنوات خاصة اذا علمنا ان الحكومات المتعاقبة لم تلجأ إلى تطبيق هذا القرار إلا نادرا في تاريخ التعاضد أي فقط ثلاث مرات منه اثنتان للتعاضدية العامة لوحدها علما أن التعاضديات موجودة ببلادنا مند 1919 اي مند أزيد من قرن من الزمن وسنعود في مقال مفصل لهذا الموضوع ,
لنحاول على الأقل أن نفهم كيف ولمادا وما الذي تنتظره الجهات التي اتخذت قرار الحل ولفهم ذلك لنعد قليلا إلى الوراء على الأقل عشرين سنة الماضية ونتناول رئاستي كل من محمد الفراع وعبد المولى عبد المومني مع المرور بالرئاستين المؤقتتين الموضوعين من طرف الدولة بعد الإطاحة بكليهما.

لقد وصل المعنيان بالأمر إلى رئاسة مؤسسة بهذا الحجم ربما في اختلاف ظروف الانتخاب فالأول جاء في مسلسل انتخابي عادي والثاني جاء بالانتخابات كذلك لكن بعد الإطاحة بسابقه لكن واقع الحال يؤكد ان بين الرجلين العديد من النقط المشتركة أكثر بكثير مما قد نتخيل.

إن أول ما يجمع الرجلين أنهما جاءا في ظل دخول النقابات على خط انتخابات المناذيب ( أعضاء الجمعية العمومية ) الذين ينتخبون المجلس الإداري الذي ينبثق عنه بدوره المكتب المسير، وهذه النقطة أساسية لفهم ما جرى آنذاك وما يجري حاليا وما سيجري مستقبلا فهذا الدخول المباشر للنقابات عوض الصيغة السابقة التي كانت الأفضلية فيها لتوافقات الكفاءة أساسا هو ماجعل التعاضديات تفقد هويتها كمنظمات للتكافل الاجتماعي في مجال الرعاية الصحية وجعلت من التعاضديات مجرد كيانات رديفة وملحقة بالنقابة المسيطرة بل رهينة للتوافقات التي تجريها النقابات في مجالات أخرى لا علاقة لها بالتغطية الصحية للمنخرطين .

هذا الأمر المشترك بين الرئيسين المطاح بهما من تسيير التعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية هو في حقيقة الأمر عنصر محوري في فهم ما الذي أوصل قطاع التعاضد ككل إلى حالة الوهن والضعف التي يعيشها حاليا والتي جعلت من التعاضديات رهينة لدى مؤسسة هي في الأصل صنيعة التعاضديات و ابنتها العاق.

وللحديث عن الابنة العاق للتعاضديات لابد من التذكير ان النقطة المشتركة الثانية والبالغة الأهمية بين الرئيسين المطاح بهما هو خصومتهما الخفية والمعلنة مع مدير الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي « كنوبس » ونحن نتحدث هنا عن خصومة وليس عن خلافات وذلك لعدة أسباب سنعود لها لاحقا لتوثيق أزيد من عشرين سنة من حرب كنوبس على القطاع التعاضدي والتعاضديات ومنها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية.

أما الأمر الآخر المشترك بين الرئيسين فهو مجموعة من الأشخاص اللذين عاصراهما وساعدوا في إيصالهما إلى رئاسة المؤسسة وساهموا في رحيلهما عنها ونفس العناصر هم الآن يستعدون لايصال شخص آخر لرئاسة المؤسسة في انتظار الإطاحة به فيما بعد حين تفترق المصالح
هؤلاء الاشخاص هم نوعان أولهم مناديب خالدون في الجمعية العامة للتعاضدية كثير منهم من تجاوز الثلاثين سنة على الاقل منتخبا بالجمعية العمومية للتعاضدية والاغلبية الساحقة عاشرت كلا الرئيسين وصوتت بالإيجاب على كل القرارات المتخذة من كلا الرئيسين و دافعت عن كلا الرئيسين كما يدافع الرجل عن عرضه وتنكرت لكلا الرئيسين كما تفعل العاهرة بعد نفاد مال الزبون وهي الآن تستعد لصناعة رئيس جديد ونحن هنا لا نعمم فهناك قلة جد قليلة شاركت في الانتخابات لاجل خدمة المنخرطين قبل أن يتم افسادها بدورها
ان هاته الفئة من المناديب الخالدين المخلدين انما تسعى لاشباع مصالحها الذاتية والسمسرة والفساد في ملفاة المرض والاغتناء عن طريقها حتى ان الرئيسين قد خلقا لهم خلية ادارية همهما الوحيد تمرير ملفاتهم والملفات التي ياتون بها ولعل العناصر التي كانت بهذه الخلية طيلة السنوات العشرين السابقة ومنهم من تحول بين عشية وضحاها الى النضال النقابي والنسائي ولنا لهم عودة.

كذلك فان فئة المناديب الخالدين والمخلدين قس ساهمت في تدهور اوضاع التعاضدية العامة عبر ادماج ابنائهم ودويهم في هاته المؤسسة ، وبطبيعة الحال فان صفقة التوظيفات مقابل التصويت لم تخدم ابدا مصلحة المنخرط واساسا فالمناديب انما كانوا يسعون لتوظيف من لم يتوفق في حياته ودراسته من ابنائهم ودويهم اي الفاشلين حتى تحولت المؤسسة الى محميات من عدة عائلات وسنعمل على نشر لوائحهم بالاسماء ودرجة القرابة ومن اتى بهم بالنسبة لمن سيعتقد ان غياب القرابة المباشرة مع من جلبه للتعاضدية العامة ستجعلنا نغفل ملفه .

ومن بين هذه الشريحة من المناديب سنقتصر فقط في هذه اللحظة على بوق من الابواق المجردة من كل وازع اخلاقي وهو صديق سابق لمحمد الفراع واحد المطبلين له قبل ان ينقلب عليه ويلتحق بركب عبد المولى عبد المومني بحكم الزمالة في البنك وتبادل المواقع في الاطار النقابي المشترك بينهما لينقلب مجددا على عبد المومني ويسخر ما بقي من ايامه البائسة في خدمة كل من له حساب يصفيه مع عبد المومني
هذا البوق المأجور الذي يجمع بين العمالة لجهات معينة(عطاي) والارتهان لمن يدفع اي شيء لم يترك في الرئيس محمد الفراع اي صغيرة ولا كبيرة الا انه تحول فيما بعد الى سب عبدالمومني لكن وهنا الفرق ليس فقط عبد المومني بل كل مستخدمي التعاضدية العامة فيما عدا ولي نعمته الفار من حكم بالسجن في قضايا الفساد وسنخصص مقالا مفصلا معززا بازيد من 8 سنوات من المتابعة والتدقيق في منشورات وتصريحات هذا البوق المأجور وما فيها من تناقضات وسب وقذف وشتم في اسلوب دنيئ وعديم الاخلاق وزنقاوي لكل المستخدمين والمسؤولين بالتعاضدية العامة.

اما النوع الثاني فهم فئة مهمة من المستخدمين كان يقودهم سابقا الفاسد الفار من حكم القضاء في قضايا فساد ، هاته الفئة استفادت من الفساد في ظل كلا الرئيسين واوجدت لنفسها جهازا موازيا طفيليا يعيش في الظلام لديه قواعده التي تسيره وله ألياته الدفاعية التي تغولت احيانا حتى على الرؤساء ويجري تجميع الوثائق حول هذا الامر تمهيدا لنشرها.

وفيما بعد اي بعد اختلاف المفسد الفار من القضاء مع عبد المومني ومحاولته الاطاحة به من الرئاسة وانتخاب رئيس جديد وقيام هذا الاخير بطرد المفسد الفار وتسليمه للقضاء منذ 2104 طفت للسطح تيارات للفساد بدون تنسيق فعلي وانما التقاء مصالح بين فاسدين يعرفون بعضهم،بينما التحق المفسد الفار من القضاء بالبوق المأجور من اجل شن حرب من الهوامش ليس فقط على الرئيس ومن معه من المنتخبين بل كدلك على المستخدمين و على مصالح المنخرطين
وكي لانطيل في هذا الموضوع سننتقل بإيجاز للادارة المؤقتة التي تم وضعها بعد الاطاحة بالرئيسين ، وهنا فان وجه الاختلاف كبير وكبير جدا فبعد الاطاحة بالفراح تم تعيين شخص واحد للقيام بمهام الرئيس وامين المال و شخص ومساعده للقيام بعملية الانتخابات وقد كان المتصرفون المؤقتون بشهادة الجميع على قدر المسؤولية ويتمتعون بقدر كبير من الخبرة المهنية والكفاءة عكس ما حدث بعد الاطاحة بعد المومني حيث تم تكليف شخص بمهام الرئيس ولعلم الجهات التي عينته بضعف تكوينه وانعدام خبرته عينت معه شخصا أخر للقيام نمهام امانة المال لينسحب هذا الاخير قبل انتهاء ثلاث اشهر من التعيين ويتم تعويضه فيما بعد بسيدة المهم هو الحرص على عدم بقاء الرئيس المؤقت لوحده خشية من المصائب التي سيقوم بها لامحالة
اما بالنسبة للشخص المكلف باجراء الانتخابات 2009 فيكفي القارئ العودة الى التصريحات الصحفية التي كان يدلي بها للتأكد من انه كادر وطني دو خبرة وكفاءة محترمة وانه ادى الامانة التي اسندت له على احسن وجه وبتجرد.

اما بالنسبة لمرحلة ما بعد عبد المومني فالانتخابات اسندت لمبعوث حزبي لا علاقة له بوزارة الشغل وليس من الكفاءات الادارية لهذه الوزارة كما انه عمل على التدخل بكل شيء ابتداءا من التدخل في التسيير الاداري الى التدخل في التدبير المالي الى تعيين نفسه مراقبا عاما والتدخل في تدبير الشساعة بل والمتتبع ما له الا ان يطلع على درجة انعدام الكفاءة سواء فيما يتعلق بعدم استيعابه لمهامه او للارتباك في اصدار بلاغات ركيكة وسحبها ثم اعادتها والذهاب الى تقييم انتخابات 2015 من اجل الطعن فيها رغم ان وزارة الشغل التي هو محسوب عليها قد بتث فيها و اصدرت تصريحات امام ممثلي الامة بالبرلمان بشأنها.

ولعل اخطر ما قام به المبعوث الحزبي ليس هو اعتماد قانون انتخابي يخرج عن الاجماع الوطني ويتضمن خروقات دستورية تأدى منها حتى من اوعز له بها لكن الخظير هو قيامه باعتماد قاعدة بيانات في تناقض غريب مع الواقع فان كان سابقه قد صرح في 2009 أن عدد المنخرطين المعنيين بعملية الانتخابات، التي اعتمد عليها التقطيع الانتخابي وصل إلى 311 ألفا و200 منخرط منهم 35 في المائة من النساء، كانوا يمثلون 50 إقليما، مضيفا أن عدد المقاعد المتبارى بشأنها وصل إلى 377 مقعدا، منها 117 مقعدا بمدينة الرباط موزعة حسب كل قطاع بحكم أن المدينة تعتبر العاصمة الإدارية وتتواجد بها جميع المصالح المركزية لجل الإدارات، بالإضافة إلى 260 مقعدا موزعة على باقي الأقاليم الأخر، فان المبعوث الحزبي قرر ان هذه القاعدة لم تتطور نهائيا.

وتكمن خطورة ما قام به المبعوث الحزبي في انه اما انه قام بتقديم ارقام مزورة خدمة لتقطيع انتخابي على المقاس يصب في مصلحة العدالة والتنمية وحليفتها العدل والاحسان ويقصي الاخرين وهذه مصيبة واما ان ما قدمه صحيح وهذا معناه ان الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي قد عمل طيلة العشر سنوات الماضية على محاربة التعاضدية العامة وحرمانها من الانخراطات الجديدة وهو عمل غير قانوني يشكل مصيبة كبيرة في حد ذاته وسنخصص المقال القادم للحديث عن مسالة قاعدة البيانات بالنسبة لمنخرطي التعاضدية العامة والتلاعبات التي لحقت بها والدور الهدام لمسؤةلة الانخراطات وتتبع الاشتراكات.
قادمون.. منخرط بالتعاضدية العامة

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *