قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن المجلس يسعد، بمشاركة مجلس المنافسة ورئاسة النيابة العامة في تنظيم سلسلة الأوراش التكوينية حول “دور السلطة القضائية في تطبيق قانون المنافسة”، أخيرا، وذلك بهدف تعزيز معارف القضاة بتطبيقات قانون المنافسة، والرفع من مهاراتهم لضبط تقنيات هذا القانون، مما سيساعدهم على تجاوز الإشكاليات العملية التي قد تعترضهم في تطبيق مقتضياته، خاصة وأن مثل هذه الورشات سترفع من قدراتهم لتسيير الأبحاث القضائية وممارسة الدعوى العمومية.
وأوضح عبد النباوي في كلمة له خلال الورشة، أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يؤكد من خلال مشاركته في تنظيم هذه الدورات رؤيته الاستراتيجية المرتبطة بمجال تكوين قضاة المملكة، التي ترسم آفاقاً واعدة في تعميم وتوحيد تطبيق قانون المنافسة، بالنظر لما للقضاء من دور في تكريس الحكامة الجيدة وتحقيق الأمن القضائي والاقتصادي، وتثبيت مبادئ دولة الحق والقانون.
كما أكدتها الرؤية الملكية السامية في الخطاب الذي وجهه الملك بمناسبة ثورة الملك والشعب 20 غشت 2008 بتطوان. حيث قال الملك : “أما الأهداف المنشودة، فهي توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصناً منيعاً لدولة الحق، وعماداً للأمن القضائي، والحكامة الجيدة، ومحفزاً للتنمية. وكذا تأهيله ليواكب التحولات الوطنية والدولية، ويستجيب لمتطلبات عدالة القرن الحادي والعشرين”.
وأضاف عبد النباوي، أنه إذا كانت معظم اتفاقيات التجارة الحرة بين الدول تتضمن أحكامًا تنظم المنافسة، فإن كل دولة تنظم سياسة المنافسة الخاصة بها، لأن هذه السياسة تظل في أغلب الأحيان اختصاصًا سياديًا. وفي بلادنا أكد الفصل 35 من دستور المملكة مبدأ التنافس الحر، وعهد إلى مجلس المنافسة بمقتضى الفصل 166، بمهمة ضبط عملية المنافسة، وقد تم تنظيم اختصاصات مجلس المنافسة وتأليفه في القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة. كما تم تنظيم الممارسات المنافية للمنافسة في القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
وأشار عبد النباوي إلى أن القوانين المغربية المتعلقة بالمنافسة تضمنت مقتضيات منظمة للعلاقة بين القضاء ومجلس المنافسة من أهمها:
1. إمكانية الطعن في القرارات المتخذة من قبل مجلس المنافسة أمام الجهات القضائية المختصة. إذ يتم الطعن في قرارات المجلس المتعلقة بالممارسات المنافية للمنافسة أمام محكمة الاستئناف بالرباط. كما يتم الطعن في المقررات المتعلقة بعمليات التركيز الاقتصادي أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض؛
2. إمكانية استشارة مجلس المنافسة من قبل المحاكم في شأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، المثارة في القضايا المعروضة عليها؛
3. إمكانية إجراء الأبحاث الميدانية التي يأمر بها رئيس مجلس المنافسة بتنسيق وترخيص من النيابة العامة المختصة.
وأضاف أنه إذا كانت الممارسة القضائية لا تسجل تراكماً في مجال تطبيق قانون المنافسة، وهو الأمر الثابت من خلال ندرة القرارات الصادرة بمناسبة البت في الطعون المقدمة ضد قرارات مجلس المنافسة، أو من خلال تلك المتعلقة بالفصل في المنازعات التي يثيرها الأطراف المتضررون من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة. فإن إشاعة تطبيقات قانون المنافسة وتوسيع مفاهيمها لدى القاضي من شأنه إنتاج قضاة مؤهلين للبت في هذا النوع من القضايا، وتعزيز قدراتهم في هذا المجال. وذلك لخصوصية قضايا المنافسة ولتعلق منازعاتها بما هو اقتصادي أكثر مما هو قانوني.
وأكد عبد النباوي، أن هذا هو الهدف المرجو من هذه الأوراش التكوينية، التي تم إغناء برنامجها بمحاور تهتم بدور القضاء في ضبط عملية المنافسة، ومجالات اختصاص المحاكم ومجلس المنافسة. وتمييز بعض التعاريف كالتحالفات والاتفاقات والاستغلال التعسفي. وضبط الممارسات المنافية لعملية المنافسة، ووسائل الإثبات المرتبطة بكل ممارسة على حدة، والاطلاع على مسطرة البحث والتحقيق، ومسطرة البت في القضايا المعروضة أمام مجلس المنافسة، واختصاصات هذا الأخير وأداورِه التقريرية والاستشارية، وخبراتِه في تحليل السوق الاقتصادية.