#هاشتاغ
تحولت الدراجة ثلاثية العجلات، المعروفة بـ”التريبورتور”، من وسيلة بسيطة لنقل البضائع إلى كابوس متحرك يجوب شوارع المدن المغربية دون رقيب أو حسيب.
.
هذه الآلة الحديدية، التي كان من المفترض أن تخدم قطاع الخدمات الصغرى، أصبحت اليوم وسيلة لنقل البشر في ظروف مهينة ومميتة، بل وتحولت إلى قنبلة موقوتة تتهدد الأرواح يوميًا.
في غياب تام لأي مراقبة حقيقية من طرف السلطات، أصبحت “التريبورتورات” تعبث بالنظام المروري، تحتل الأرصفة، تعرقل السير، وتخترق القوانين دون أدنى خوف من العقاب. والمصيبة أن هذا الخرق لم يعد استثناءً، بل أصبح القاعدة.
حادثة قلعة السراغنة، التي أزهقت فيها أرواح سبعة أشخاص، بينهم سائق، وخلّفت سبعة جرحى آخرين، ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل دموي عنوانه “الاستهتار الرسمي بحياة المواطنين”. مركبة مصممة لحمل الصناديق أصبحت تقل البشر كقطع أثاث، دون حماية، دون تأمين، ودون رخص قانونية.
وأمام هذا الواقع المفزع، تساءلت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي، في سؤال شفوي موجه إلى وزير النقل واللوجستيك:
“ما هي الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لمحاصرة الخطر الذي تمثله هذه المركبات حين تُستعمل خارج إطارها القانوني؟ وكيف تنوون توعية المواطنين بهذه المخاطر، وتوفير بدائل نقل آمنة واقتصادية للفئات الهشة التي تلجأ إلى التريبورتور بدافع الحاجة؟”
أين الحكومة؟ أين وزارة النقل؟ أين شرطة السير؟ لماذا يُسمح لهذه الوسائل بالتحول إلى وسائل نقل جماعي غير مرخصة؟ وهل سننتظر الكارثة المقبلة كي نتحرك من جديد؟
الواقع أن “التريبورتور” صار مرادفاً للهمجية المرورية، ومؤشراً صارخاً على فشل السياسات العمومية في تدبير النقل الحضري والاجتماعي. فبدل أن توفر الدولة بدائل نقل لائقة وآمنة للفئات الهشة، تُترك هذه الفئات فريسة لوسائل قاتلة لا تراعي كرامة الإنسان ولا حقه في الحياة.
إن السكوت عن هذا العبث جريمة. والاستمرار في تجاهل خطورة “التريبورتور” هو تواطؤ صريح مع الاستهتار والدم. لا بد من إجراءات حازمة، لا بد من منع استخدام هذه المركبات في نقل الأشخاص، لا بد من زجر المخالفين، وتجفيف منابع الفوضى.
فحياة المغاربة ليست حمولة زائدة في صندوق من الحديد!