عيد الأضحى بين الغلاء الفاحش والمضاربة.. وONSSA تُنفق الملايين على الإعلانات!

في الوقت الذي يتصاعد فيه النقاش في الشارع المغربي حول عيد الأضحى، وسط غلاء أسعار اللحوم والأغنام، وتزايد الجدل حول إمكانية إلغاء هذه الشعيرة الدينية أو تقنينها، أشر عبد الله الجناتي مدير المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) على إطلاق صفقة بقيمة 180 مليون سنتيم لتنفيذ حملة تواصلية مرتبطة بهذه المناسبة الدينية.

وأثارة التكلفة المخصصة للصفقة العديد من التساؤلات حول مدى جدوى هذا الإنفاق، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطن المغربي، ووسط مطالب متزايدة بترشيد النفقات العمومية وتوجيهها نحو الأولويات الحقيقية.

ووفقًا للوثائق التي يتوفر عليها موقع هاشتاغ، فإن الصفقة، التي تحمل رقم 07/2025، عبارة عن طلب عروض مفتوح دولي، وتتضمن شقًا وحيدًا، يتمثل في تصميم وتنزيل حملة تواصلية حول عيد الأضحى، تشمل إنتاج إعلانات تلفزيونية وإذاعية، وشراء مساحات إعلانية.

وبحسب وثائق الصفقة، فقد حدد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) التكلفة الإجمالية للخدمات المطلوبة في حدود 1.800.000 درهم، شاملة لجميع الضرائب، فيما تم تحديد مبلغ الضمان المؤقت في 24.500 درهم، كشرط أساسي للمشاركة في المنافسة.

وتشمل هذه الخدمات إنتاج وتصميم إعلانين تلفزيونيين بتقنية “Motion Design”، مدتهما 30 ثانية، وإعلانين إذاعيين مدتهما 25 ثانية، إلى جانب شراء مساحات إعلانية مكثفة لبث الإعلانات التلفزيونية 150 مرة عبر قنوات الأولى، 2M، Medi 1 TV، وTélé Maroc، إضافة إلى 190 بثًا إذاعيًا عبر محطات Medradio، MFM، Hit Radio، وMedina FM، وذلك خلال فترات ذروة الاستماع لضمان وصول الرسائل إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين.

وقد تم تحديد توقيت هذه البثوث بدقة، حيث ستُبث الإعلانات الإذاعية في فترات صباحية ومسائية على المحطات المختلفة، في محاولة لتحقيق انتشار واسع للحملة. لكن يبقى السؤال المطروح، هل المغاربة بحاجة فعلًا إلى تكرار هذه الرسائل بهذا الشكل المكلف؟

وبالنظر إلى كل هذه التفاصيل، يبرز التساؤل الأهم، هل يحتاج المواطن المغربي، الذي يعاني يوميًا من موجات الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة، إلى حملة إعلانية مكلفة لتوعيته بكيفية اختيار الأضحية؟ أم أن الأجدر بالحكومة أن تركز جهودها على ضبط الأسواق، ومحاربة المضاربة، ودعم الأسر المتضررة بدل إنفاق الملايين على حملات ترويجية قد لا تحقق أي تغيير فعلي في سلوك المستهلك؟

هذه الصفقة ليست سوى نموذج آخر لطريقة تدبير المال العام، حيث يتم توجيه الموارد نحو مبادرات إعلامية قد يكون طابعها استهلاكيًا أكثر منه عمليًا، في حين أن المشاكل الحقيقية تتطلب حلولًا أعمق من مجرد “سبوتات” إعلانية.