هاشتاغ
في تطور صادم يعري واقع الفساد المستشري في دواليب الانتخابات المغربية، فجّر البرلماني السابق رشيد الفايق، قنبلة من العيار الثقيل باتهامه مجموعة من البرلمانيين ومسؤولين نافذين بابتزازه وطلب رشاوى بملايين الدراهم، مقابل تأمين فوز مرشحين في انتخابات 2021. هذه الاتهامات المدوية التي وردت في شكاية رسمية وُضعت أمام النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بفاس، تعيد طرح أسئلة محرجة ومقلقة حول دور وزارة الداخلية في ضمان نزاهة الاستحقاقات، ومدى قدرتها أو حتى رغبتها في التصدي لفساد ممنهج داخل الأجهزة السياسية.
رشيد الفايق، المعتقل في إطار ملف فساد عقاري بجماعة أولاد الطيب، كشف من خلال دفاعه عن تعرضه لضغوطات رهيبة قبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة، أبرزها مطالبته بدفع 800 مليون سنتيم من طرف نائب برلماني لضمان فوز ثلاثة مرشحين. والأدهى أن الفايق، الذي رفض الخضوع لهذه “التسعيرة الانتخابية”، يؤكد أنه تعرض لاحقًا للتهديد بالسجن حين طالب برلمانيًا آخرًا بإرجاع 2 مليون درهم كان قد أقرضه إياه لتمريرها كرشوة لمسؤول نافذ.
هذه الوقائع التي توثق لانحدار خطير في أخلاق العملية الانتخابية، تُعري مسؤولية وزارة الداخلية التي فشلت – أو تغاضت – عن ضبط ممارسات مشبوهة تتكرر كل موسم انتخابي. فهل يعقل أن تتحول الانتخابات إلى بورصة علنية للمقاعد البرلمانية؟ وأين كانت أعين السلطة حين كان المال الفاسد يُوزع كصكوك غفران لولوج البرلمان؟
من جانبه، طالب محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، بفتح تحقيق قضائي عاجل وجدي في هذه الادعاءات الخطيرة، مؤكدًا أن ما كشف عنه الفايق لا يمكن السكوت عنه، خاصة أن المبلغ المطلوب لضمان نجاح ثلاثة مرشحين بلغ 8 مليون درهم، تُوزع حسب “رتبة الفائز”! واعتبر الغلوسي أن هذه المعطيات تهدد جوهر الديمقراطية وتفقد العملية الانتخابية مصداقيتها.
وزارة الداخلية، التي تتحمل مسؤولية الإشراف على الانتخابات، مطالبة اليوم بالخروج عن صمتها، فالتستر على هذه الممارسات، أو التعامل معها ببرودة إدارية، يُعد تواطؤًا مكشوفًا يُسائل الدولة برمتها. فهل ستتجرأ النيابة العامة على استدعاء الأسماء الواردة في الشكاية؟ وهل ستتحرك السلطة لإجراء تحقيق رقمي وتقني دقيق كما طالب المشتكي، أم أن الملف سيُجهض كما أُجهضت عشرات الملفات التي أُحيلت على رفوف النسيان؟
في انتظار الحقيقة، تبقى صورة الانتخابات المغربية معلقة على حبال الابتزاز والرشوة، وسط صمت وزارة الداخلية، التي تبدو – مرة أخرى – عاجزة عن تنظيف بيتها من الداخل، أو ربما غير راغبة أصلاً.