فضيحة تسلطانت.. فاطمة الزهراء المنصوري بين نيران التسريبات وتناقضات التبرير

Hashtag
وسط زوبعة من الانتقادات واتهامات ثقيلة تطالها، وجدت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، نفسها في موقف لا تُحسد عليه، بعد الكشف عن تفاصيل صفقة بيع عقار شاسع نواحي مراكش يفوق 66 هكتارًا، بقيمة قُدرت بأزيد من 266 مليون درهم.

ورغم محاولات المنصوري التخفيف من وطأة الجدل عبر بلاغ توضيحي تصفه بـ”التكذيبي”، إلا أن كثيرين يرون في هذه الخرجة مجرد محاولة استباقية لاحتواء فضيحة أخلاقية وسياسية، خصوصًا في ظل الصمت الرسمي الذي رافق صفقات سابقة أثارت بدورها الريبة، وعجزت عن إقناع الرأي العام.

الوزيرة، التي تجمع بين حقيبة وزارية ومنصب عمادة مدينة مراكش، سارعت إلى نفي أن تكون الأرض موضوع الصفقة ضمن أملاك الدولة أو الجماعة، معتبرة أنها “إرث عائلي” يعود لوالدها المتوفى منذ 1978، لكن التوقيت المريب للبيع – عام 2023، بالتزامن مع تزايد نفوذها السياسي وتوسع شبكات مصالحها – يطرح أكثر من علامة استفهام حول شبهات استغلال النفوذ ومراكمة الثروة في ظل غياب الشفافية الفعلية.

بيان المنصوري لم يقدّم سوى مرافعة إنشائية قائمة على الدفاع الشخصي، دون الإجابة عن الأسئلة الحقيقية:

لماذا لم تُفصح عن تفاصيل هذه الممتلكات سابقًا للرأي العام، رغم تعاقب مسؤولياتها منذ 2009؟

هل يمكن فعلاً فصل الصفقات العائلية عن نفوذ صاحبة القرار السياسي والإداري؟

لماذا تم التصرف في هذا العقار بالتحديد بعد وفاة والدتها، وفي سياق إعادة تشكيل معالم التهيئة في المنطقة؟

تصريحات المنصوري حول “استثمار العائدات في مشاريع بمراكش” و”خضوع البيع للضريبة” تبقى ادعاءات بلا دلائل ملموسة منشورة، مما يكرّس مناخ الريبة والشكوك حول تغوّل العائلات السياسية واستغلالها للثغرات القانونية لتحقيق مكاسب شخصية ضخمة.

وفي الوقت الذي تحتمي فيه الوزيرة بدعوى قضائية ضد من يقف وراء ما تصفه بـ”التسريبات المغرضة”، يبدو أن الرأي العام لم يعد يثق في بيانات النفي والتبرير، بل يطالب بتحقيق قضائي مستقل، يكشف حقيقة البيع وظروفه وأطرافه المستفيدة، خاصة أن هذه الصفقة ليست الأولى التي ترتبط فيها أسماء مسؤولة بسوء تدبير أو تضارب مصالح.

المثير في البلاغ الوزاري هو محاولة خلط الأوراق، عبر خندقة الانتقادات ضمن “حملات تشهير”، في حين أن القضية ليست شخصية، بل تتعلق بشفافية تدبير الشأن العام وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما ينص عليه دستور المملكة.

من حق فاطمة الزهراء المنصوري الدفاع عن نفسها، لكن من واجبها أيضًا تقديم توضيحات مقنعة ومثبتة للرأي العام، بدل الإصرار على خطاب المظلومية، في وقت تتآكل فيه الثقة في النخب السياسية وتتعمق فيه هوة الشك في نزاهة من يدبرون الشأن العمومي.