فضيحة رمزية في كأس إفريقيا بالمغرب: أساطير الكرة الوطنية خارج المنصات الشرفية

هاشتاغ
يثير تنظيم النسخة الحالية من كأس إفريقيا بالمغرب مجموعة من التساؤلات المشروعة، ليس فقط على مستوى الجوانب التقنية والتنظيمية، بل كذلك من حيث الرسائل الرمزية التي تعكس صورة البلد واحترامه لتاريخه الكروي.

ففي الوقت الذي يُسجَّل فيه حضور لافت لنجوم وأسطير كروية أجنبية في المنصات الشرفية، إلى جانب رموز تاريخية لمنتخبات إفريقية مشاركة، بدعوات رسمية من الجهات المنظمة والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يبرز غياب غير مفهوم لأساطير الكرة المغربية الذين صنعوا مجد المنتخب الوطني عبر عقود.

ولا خلاف، من حيث المبدأ، حول أهمية الاحتفاء بالنجوم القادمين من خارج المغرب، ولا حول قيمة تكريم رموز كروية إفريقية وعالمية ساهمت في إشعاع اللعبة. غير أن ما يبعث على الاستغراب والأسف في آن واحد، هو التغييب التام لأسماء مغربية خالدة، ارتبطت الذاكرة الجماعية للمغاربة بإنجازاتها وتضحياتها داخل المستطيل الأخضر.

ويتعلق الأمر بلاعبين من قبيل أحمد مكروح (بابا)، عزيز بودربالة، مصطفى الحداوي، عبد الرزاق خيري، بادو الزاكي، محمد التيمومي، يوسف بن عبيشة، صلاح الدين بصير، وغيرهم كثيرون ممن دافعوا عن القميص الوطني في محافل قارية وعالمية، ورفعوا راية المغرب عالياً في فترات مفصلية من تاريخه الكروي. هؤلاء ما زالوا على قيد الحياة، ورغم ذلك جرى التعامل معهم وكأنهم لم يكونوا يوماً جزءاً من هذا المسار المشرف.

ويحذّر متابعون من أن هذا الإقصاء الرمزي لم يمر دون أثر، إذ انعكس بشكل واضح على سلوك جزء من الجمهور، الذي شوهد وهو يشجع منتخبات منافسة للمنتخب الوطني، في مشهد غير مألوف ولا صحي رياضياً. ويرى هؤلاء أن غياب الرموز الوطنية عن الواجهة يضعف الارتباط العاطفي بين الجماهير ومنتخبها، ويفتح المجال لفراغ رمزي لا يخدم صورة الكرة المغربية.

الأكثر إثارة للقلق، بحسب مهتمين بالشأن الرياضي، هو إبراز وجوه لا تمت بصلة إلى تاريخ كرة القدم الوطنية، من مشاهير منصات التواصل الاجتماعي، على حساب أيقونات رياضية صنعت الاسم والسمعة. وهو ما يُفهم على أنه خلط غير مبرر بين منطق “الفرجة” ومنطق الذاكرة والاعتراف بالفضل.

إن تكريم أساطير الكرة المغربية لا يُعد ترفاً ولا مجاملة ظرفية، بل هو واجب أخلاقي ومؤسساتي، ورسالة احترام للتاريخ، قبل أن يكون احتفاءً بالأشخاص. فالأمم التي لا تعترف بصُنّاع أمجادها، ولا تصون ذاكرتها الرياضية، تجد صعوبة حقيقية في بناء مستقبل متوازن ومستدام.