هاشتاغ
فجّر مشروع قانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي موجة انتقادات سياسية حادة داخل البرلمان، بعدما اختار وزير التعليم العالي عز الدين ميداوي تمريره في آخر أيام الولاية الحكومية، متجاهلاً اعتراضات واسعة للمعارضة وتحذيرات أكاديمية ونقابية من تداعياته الخطيرة على مستقبل الجامعة العمومية.

وخلال الجلسة التشريعية العامة بمجلس النواب، وجّهت النائبة نادية تهامي، باسم فريق حزب التقدم والاشتراكية، مداخلة قوية اعتبرت فيها أن الحكومة، ومعها الوزير الوصي، أهدرت الزمن السياسي، بعدما انتظرت سنوات طويلة لتقديم نص تشريعي مصيري، رغم توفر القانون الإطار منذ سنة 2019.
واتهم فريق التقدم والاشتراكية الوزير ميداوي بتمرير مشروع لم يخضع لأي نقاش عمومي حقيقي، ولم يُشرك الطلبة والأساتذة والنقابات والفاعلين الاقتصاديين، في خطوة وُصفت بأنها امتداد لنهج حكومي يتسم بالارتجال وغياب الثقافة الديمقراطية.
وأكدت المداخلة البرلمانية أن النص، بدل أن يشكّل قطيعة مع اختلالات المنظومة الجامعية، جاء ليُكرّسها، في ظل استمرار الهدر الجامعي، ضعف التأطير، هجرة الكفاءات، شح ميزانية البحث العلمي، ومحدودية استقلالية الجامعات.
ومن أخطر ما حمله المشروع، حسب الفريق المعارض، التهديد غير المعلن لمجانية التعليم العالي، وفتح الباب أمام منطق الأداء، في تعارض صارخ مع الدستور وخيارات الدولة الاجتماعية. كما نُدد بتغليب منطق التعيين والوصاية على حساب الانتخاب والاستقلالية، ما يُفرغ الحكامة الجامعية من مضمونها.
كما حذّرت نادية تهامي من تشتيت الخريطة الجامعية عبر تناسل مؤسسات خارج أي رؤية استراتيجية، ومن مخاطر المساس بمصداقية الشهادات الوطنية، خاصة في ما يتعلق بالتعليم العالي غير الربحي والرقمي.
وسجّل الفريق البرلماني باستغراب رفض الوزير 35 تعديلاً جوهرياً قُدمت لتحسين النص، من بينها حذف “مجلس الأمناء”، تعزيز صلاحيات مجالس الجامعات، تقوية تمثيلية الأساتذة، حماية المجانية، وإحداث وكالة وطنية مستقلة لتمويل البحث العلمي.
وبرغم كل هذه التحفظات، صادقت الأغلبية الحكومية على المشروع بـ 100 صوت مقابل 40 معارضاً، في مشهد اعتبرته المعارضة دليلاً على منطق العدد بدل منطق الجودة، وعلى إصرار وزير التعليم العالي على فرض قانون “معطوب” يفتقر للرؤية والجرأة.
ويرى متتبعون أن طريقة تمرير قانون 59.24 تُجسّد فشل الوزير عز الدين ميداوي في التقاط نبض الجامعة المغربية، وعجزه عن تقديم إصلاح حقيقي يستجيب لتحديات مغرب اليوم والمستقبل، في وقت تتعاظم فيه الاحتقانات الاجتماعية ويتزايد السخط داخل الأوساط الجامعية.
وفي انتظار 2026، يبدو أن الجامعة المغربية دُفعت مرة أخرى ثمن حسابات سياسية ضيقة، فيما يواصل وزير التعليم العالي سياسة الهروب إلى الأمام، على حساب إصلاح حقيقي طال انتظاره.






