في خلفيات استهداف المؤسسات الامنية

علي الغنبوري

الكل تابع التصريحات و الخرجات الاعلامية الاخيرة لزمرة من الفاعلين « السياسيين » و « الحقوقيين » الذين وجهوا من خلالها اتهامات و ادعاءات خطيرة الى الاجهزة الامنية و الى المسؤولين عنها ، بالتورط في محاصرة و تعقب هؤلاء و فبركة الملفات لتشويه صورتهم و سمعتهم .

من المؤكد ان مثل هذه التصريحات و الاتهامات ، تجد لها جمهورا يتلقها بحماس و باندفاع كبير ، نظرا اولا لطبيعتها المعارضة و المهاجمة التي قد تعطي الانطباع بوجود خلفية نضالية وراءها ، و ثانيا باعتبار وجود الاجهزة الامنية كمتهم ، الشيء الذي يزيد من جرعة الحماس و الاندفاع في تلقي مثل هذه التصريحات ، باعتبار الادوار الردعية التي تقوم بها هذه المؤسسات ، وهو ما يجعلها دائما في موقف الصدام مع عدد من الفاعلين .

لكن الاسئلة المهمة التي يجب ان تطرح هنا هي، من هي هذه الزمرة ؟ و ما هي طبيعة الصراع الذي تخوضه داخل البلاد ؟ و لماذا هي فقط من يشتكي و يحس بالتسلط الامني ؟ ، فهذه الاسئلة تطرح بقوة ، خاصة ان بالبلاد معارضين اكثر جرأة و مصداقية و تباثا في المواقف من هؤلاء .

كيف يمكن تفسير غياب هذه الادوار التسليطة و المنحرفة للاجهزة الامنية التي جاءت بها اتهامات و ادعاءات هذه الزمرة ، في حق مناضلي النهج الديمقراطي الذين يحملون توجهات و مواقف تتعارض مع طبيعة النظام السياسي بالبلاد و الذين اعلنوا موقفهم المعارض للوحدة الترابية للبلاد ؟ فعبد الله الحريف سبق له و ان اعلن قيام الثورة بالبلاد و خاطب المغاربة و كانه الملك و لم نشاهد له فيديو او تسريب او لفق له ملف من الملفات او تم اعتقاله . و كيف يمكن تفسير غياب هذه الادوار في حق انفصاليي الداخل الذين يعبرون عن مواقفهم بكل حرية و يؤسسون الجمعيات المؤثدة لطرحهم ؟ و كيف كذلك يمكن تفسير غياب هذه الادوار في حق مناضلي اليسار الذين لا يخفون توجهاتهم و مواقفهم المعارضة لكل مؤسسات البلاد و الذين يطرحون اشكالات و قضايا اهم و اعمق مما تقوله هذه الزمرة ؟

البحث في تاريخ هذه الزمرة التي عرفت معنى النضال مؤخرا ، يكشف كل شيء ، بل يوضح الصورة بشكل جلي و يرفع كل لبس ، فاغلب هؤلاء تجمعهم خاصيتين اساسيتسن ، اولهما انهم كانوا في فترة من الفترات ينعمون و يأكلون و يشربون في كنف الدولة و يمارسون ما يدعون اليوم التعرض له ، فالسيد زيان مثلا هو الذي كان يرافع باسم الدولة في سنوات الجمر و الرصاص و سنوات « اللي هضر يغبر » ،و ثانيهما الارتباطات الخارجية و اموالها الوفيرة .

ما تقوم به هذه الزمرة اليوم ، يتجاوز بكثير ما تدعيه من نضال و دفاع عن الحقوق ، بل هي اليوم تقود توجه انتقامي بئيس شعاره اما ان نكون او نهدم كل شيء ، فاقحام الاجهزة الامنية بهذا الشكل في هذه الصراعات الانانية و الفردية و الانتهازية ، يكشف بشكل واضح عن توجهات هؤلاء التخريبية و المعادية للوطن و لمصالحه و لقوته و مناعته.

هذا الاستهداف لم يبدأ فقط من خلال هذه التصريحات الاخيرة ، بل سبقها بمدة طويلة ، من خلال التهجم المتواصل على الاجهزة الامنية بسبب او بدون سبب و محاولات الطعن المستمرة في عملها و تدخلاتها ،والكل يتذكر كيف قاد احد المواقع التابعة لهؤلاء ، حملة للتشكيك في عمليات الاجهزة الامنية ضد الخلايا الارهابية ،و كيف سمح لزوجة احد الارهابيين الذين تم القاء القبض عليهم بتمارة ، بالمرور عبر بوابته و ادعاء براءة زوجها و تشكيكها في مصداقية التدخل الامني ، ليقوم زوجها بعد ايام قليلة بذبح احد حراس السجن ، ليتبين للجميع حقيقة و خطورة ما تقوم به هذه الزمرة.

ما تتعرض له الاجهزة الامنية اليوم من اقحام متعمد في صراعات لا اخلاقية ، هو خطر حقيقي على المصالح الامنية بالبلاد ، يسعى الى نزع الشرعية عن هذه المؤسسات ، و يمهد الطريق لفقد الثقة في ادوارها الحاسمة و الناجعة في التصدي لكل ما يمكنه ان يهدد البلاد ، و يخدم اجندات تخريبية و انانية لا يهمها سوى مصالحها الذاتية و لو على حساب الوطن.

لست هنا بصدد القيام بمهمة محامي الشيطان ، من خلال الدفاع عن الاجهزة الامنية ، فهي مؤسسات لها ما لها و عليها ما عليها ، لكنها تبقى مؤسسات وطنية ، يتوجب علينا الاستفسار و البحث عن حقيقة استهدافها و من يقف وراء هذا الاستهداف ، خاصة و ان البلاد اليوم تواجه تحديات و رهانات غير مسبوقة .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *