يوسف بلحسن: في رثاء سيدي العياشي أفيلال مات رجلا .. وفقدنا حبيبا

يوسف بلحسن

أذكر من العمر شبابا كنا فيه أقرب إلى الإنصات لخطاب القلوب والرقائق منه لهم الدنيا؛ نتسابق الى البحث عن أئمة وفقهاء يمدوننا بعشق وغرام عذري؛ ويصقلون قلوبنا على محبة أسمى وعلى حب الخير والتسابق إليه، يزهدوننا في الدنيا ويقربوننا إلى الله.

أذكر منهم عددا فاضلا محبوبا؛ كان منهم المهتم بالشأن السياسي المحلي ومنهم من تعلق بقضايا الأمة العربية والإسلامية ومنهم من عمل على التربية قبل كل شيء، وكلهم للدعوة أقرب من هم للمناصب والكراسي (وان ابتلي بعضهم بها ولحقته شرارتها وعلقمها).

واذكر اننا عندما كنا نبحث عن « الرقائق »، وحديث القلوب نسرع الخطى بحثا عن العلامة سيدي العياشي أفيلال؛ كانت للرجل مكانة خاصة وكان يحظى بالاجماع، بل لم تكن لتجد أحدا من المنطقة كلها يذكره يوما بسوء حتى الأصدقاء الذين يختلفون حول السبل للتغيير الاجتماعي والسياسي، ويفضلون منهج الحداثة لم يكن بينهم من يرى في سيدي العياشي مذمة او منقصة.

كان الاصدقاء، كل مرة يخبروننا « اليوم السي العياشي سيكون بعد صلاة المغرب في مسجد مرتيل » و « خطية الجمعة لسيدي العياشي بمسجده بتطوان  » هناك محاضرة سيشارك فيها سيدي العياشي « …

يدخل سيدي العياشي المسجد، ويصلي نفل التحية ثم يدلج الى كرسي الدرس،حيث العشاق تحلقوا قبله ليكونوا أقرب للسمع….

وبنفس الترتيلة وبنفس المقدمة السجعية الجميلة يتيه بنا؛ نحن المغرمون ؛ في بحر الصفاء، يفهمنا ان المحبة كنز وان تقوى الله هو خلاص الدنيا والآخرة.

ويدفعنا لفعل الخيرات والمساهمة فيها إما عونا للضعفاء والمساكين او دعوة صالحة لصديق تائه أو برا بالوالدين.

كان سيدي العياشي متيما بالمساجد ودور القرآن ليس حبا في البنايات.، ولكن تزكية للطلبة ليتفقهوا وليعرفو الله حق المعرفة عن علم؛ حتى يكونوا رجالا صالحين لأنفسهم ولأهلهم ووطنهم.

وعندما فكر ثلة من الصالحين المحبين لوطنهم ولتشييد « معالم بشرية » دراسة متفقهة عارفة بالعلوم الشرعية وبالأصول كان سيدي العياشي من الأوائل الذين احتضنوا « الطولبة » وفتحوا لهم الأفق لينالوا شهادات علمية تفتح أمامهم أبواب الرزق وتقيهم إهانة « السعاية » بالمقابر …لله دره ومن مثله..

دائما أقول أن أكبر كنز في الدنيا هي أن يقدف الله في قلوب العامة حبهم لك …كان سيدي العياشي رجلا له « القبول »ويا لها من نعمة. يا لها ! تلك الذي تجعل المواطن العادي والمسؤول الرفيع يتحدث إليه ويتقرب منه بلطف ؛وكيف لا؟

كنا نحب سيدي. العياشي أفيلال واليوم نحبه وغدا سنحبه لأنه
ببساطة رجل كان يقربنا من الله.

تطوان والنواحي اليوم تودع العلّامة الشيخ العياشي أفيلال.
رحمه الله، وجعل الجنة مأواه.
لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *