العربي مولاي أحمد
بينما تتقلّب الأسر المغربية تحت وطأة الغلاء المتسارع، ومع كل صباح جديد يحمل مزيدًا من الزيادات الصامتة، تُطل إدارة الطرق السيارة بالمغرب بقرار قد يكون القشة التي تقصم ظهر المستهلك.
مصادر متطابقة كشفت أن الشركة تتجه نحو رفع تسعيرة المرور على عدد من المحاور الحيوية، أبرزها المقطع الرابط بين الدار البيضاء والرباط، الشريان النابض الذي يعبره الآلاف يوميًا من طلاب وعمال ومواطنين بسطاء يحاولون فقط اللحاق بيومهم.
الخبر، وإن لم يُعلن رسميًا بعد، نزل كالصاعقة على من اعتادوا على التنقل بين المدينتين في إطار العمل أو الدراسة أو حتى العلاج. والأسوأ أن الزيادة لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستمتد — بحسب نفس المصادر — إلى المسافات الأطول، ما يعني أن جيوب المواطنين ستُنزف أكثر، خصوصًا في ظل الارتفاع المهول في أسعار المحروقات.
القرار يأتي في لحظة وُصفت بـ”غير الرحيمة”: عشية فصل الصيف، وقبل أسابيع من العطلة المدرسية، حيث تحلم العائلات المغربية ببعض الترويح عن النفس، ببضعة كيلومترات على الطريق في اتجاه البحر أو الجبل. لكن يبدو أن الحلم قد يتحول إلى ترف غير متاح، بعدما أصبحت الطرق نفسها عبئًا إضافيًا يُقاس بالدرهم.
في الخلفية، تلوح لافتات براقة تحمل شعار “استعدادات المغرب لكأس العالم 2030”. نعم، هناك استثمارات ضخمة، مشاريع عملاقة، وأرقام بالمليارات، لكن من يدفع الثمن؟ الإجابة تأتي من صمت الدولة وصدى كلام وزير التجهيز والماء، نزار بركة، الذي لمح في وقت سابق إلى أن مراجعة التسعيرة “ضرورية لتحقيق التوازن المالي”.
في اجتماع سابق بلجنة البنيات الأساسية، كشف الوزير أن شركة الطرق السيارة غارقة في المديونية، وأنها تبحث عن طوق نجاة من خلال “مجموعة من الإجراءات”، وفي مقدمتها — بطبيعة الحال — جيب المواطن. فالاستثمارات، التي بلغت 55 مليار درهم، تم تمويل 80% منها بقروض خارجية، بينما تحملت الشركة 20% فقط.
اليوم، وبعد كل هذه المعطيات، لا يسع المواطن سوى أن يتساءل:
هل أصبحنا نحاسب على الكيلومترات كما يُحاسب التاجر على الغرامات؟
وهل صار المرور عبر طرق الوطن امتيازًا لا يستحقه إلا القادرون على الدفع؟
أم أن الطريق، التي شُقت بمال عام، صارت تُدار بمنطق الربح ولو على حساب الكرامة الاجتماعية؟
الأسئلة كثيرة.. والإجابات مؤجلة.
لكن الأكيد أن الطريق إلى الصيف، هذا العام، ستكون أطول.. وأثقل.