هاشتاغ _ عزيز الأحمدي
في واقع يختزل عبث السياسة المغربية ويفضح بلا أقنعة “الكوميديا السوداء” التي يعيشها المواطن مع نخبته، خطف عبد اللطيف وهبي وعبد الإله بنكيران الأضواء وهما يتبادلان القبل على الرأس، والتحايا داخل مقر السفارة السعودية بالرباط، بمناسبة اليوم الوطني السعودي. لحظة بدت في ظاهرها “مصالحة إنسانية”، لكنها في عمقها ليست سوى صورة سريالية لسياسيين احترفوا الضحك على الذقون، وجعلوا من التناقض شعاراً ومن المسرح السياسي مسرحية هزلية متواصلة.
قبل أشهر فقط، كان بنكيران يطالب باستقالة وهبي من الحكومة بسبب قضية “الفيلا” وما وصفه بالتهرب الضريبي، وكان وهبي نفسه قد اتهم بنكيران بارتكاب “أفعال إجرامية يعاقب عليها القانون”، داعياً إلى محاكمته.
إن السب والقذف والتشهير كانا السلاح المفضل لهذين “الزعيمين”، واليوم يتحولان أمام عدسات الكاميرا إلى إخوة في المودة، يتبادلان القبل والابتسامات، وكأن ذاك الماضي المليء بالاتهامات والخرجات النارية لم يكن إلا مجرد فقرة كوميدية في برنامج للترفيه السياسي.
هذه المشاهد، التي يسخر منها المغاربة على منصات التواصل، ليست مجرد تفاصيل بروتوكولية، بل تجسد أزمة أعمق: أزمة ثقة بين المواطن والسياسي، أزمة أخلاق في الممارسة، وأزمة معنى في السياسة نفسها. حين يرى الشعب قادته يبيعون الكلام الرخيص في الصراعات الإعلامية، ثم يبيعون الوهم في المناسبات، يفهم جيداً لماذا ينهار منسوب الثقة ولماذا تتحول السياسة إلى مسرح بلا جمهور.
إنها قبلة على الرأس قد تُرضي غرور شخصي هنا أو هناك، لكنها جرح عميق في ذاكرة شعب يراقب ويدرك أن هؤلاء ليسوا سوى ممثلين في مسرحية انتهت فصولها ولم يعد أحد يصفق لها.