” قففهم حلال عليكم وأصواتكم حرام عليهم “

عبد السلام المساوي

على المزايدين – اصحاب الشعارات الفارغة ان يرتكزوا للصمت وكفى ، وقد يجازيهم الله عنه خيرا …

شهر رمضان ، الشهر الفضيل ، شهر التضامن والتازر ، شهر التعاطف الوجداني والتلاحم الانساني ، شهر التفكير في الآخر / الفقير ، الاحساس بمعاناته وحاجته ، شهر التعاطف المادي والدعم الغذائي…

والذين يستهزئون بقفة رمضان ويسخرون من الدعم الغذائي المقدم في هذا الشهر الفضيل للمعوز والمحروم ، هم من طينة اولئك الذين لا يحسون أصلا بوجود الآخرين ( انا وحدي في العالم ) ، ومن طينة اولئك الذين يسرقون الخبز من أنامل الصغار ويسعدون بدموع اليتامى وبكاء الأرامل …

يتهكم هؤلاء ويتوهمون ان قمة النضال وسقف الثورية هي ان تضحك من لحظة التضامن الجماعي هاته ، وأن تفرغها من كل ابعادها الاجتماعية والانسانية ، علما ان التضامن في هذا الشهر الفضيل يستمد وجوبه من قيمنا الاسلامية الأصيلة ومن ثقافتنا المغربية العريقة …

ان الركون إلى التعليقات الساخرة لن يحل اشكال الفقر والفقراء ببلادنا …أدعياء النضال يسخرون عبر الانترنيت من قفة رمضان ويعتبرونها أمرا نافلا وتافها ولا قيمة له ، بل يعتبرونها اذلالا للفقراء واهانة لكرامتهم ، لأنهم قرب بوستات النضال الافتراضي الكاذب يضعون صور موائد افطارهم ومختلف التنويعات التي تضمها ، ولا يعرفون ، بل يعرفون ويتجاهلون ، ان معهم في هذا البلد أناسا لا يجدون كسرة خبز يقطعون بها صيام اليوم السابق لأجل الالتحاق باليوم اللاحق…

اصحاب ” لا تعطني سمكة بل علمني كيف اصطاد في المياه العكرة ” يتقنون النضال بلغو الكلام ، ويريدون اكتساب ” الشعبية ” بالمزايدات والتفاهات …ويصطادون الفرص لاعتلاء مناصب الريع …

مدمنو الشعارات الفارغة حول التوزيع العادل للثروات يكتفون بدور التفرج والنميمة …لاهم يعطون السمكة ولا هم يعلمون كيفية اصطيادها …ويعتبرون ” الصدقة تأخيرا.. للثورة”…لمثل هؤلاء اقول : ” إن لم تستطع فعل الخير فعلى الأقل لا تفعل الشر ” ولا تسخر من أفعال التضامن الجماعي.

لم تنجح اي ثورة في العالم العربي البائس لأن من يرفع الشعارات ” الثورية ” ويدعون النضال من أجل العدالة الاجتماعية أناس بخلاء ، في الواقع المادي وفي الأحاسيس ومجال الشعور بالناس ، وهذا الأمر الثاني أعظم وأسوأ وأكثر خطورة على الجميع …

طبعا نرفض كل متاجرة بالدين والفقر ، ونرفض توظيف قفة رمضان توظيفا سياسويا انتخابويا… ونعلم أن تجار الدين ، يتاجرون بالفقر ، ويوظفون ” الاحسان ” لجذب زبناء للتصويت …كما ان مافيا الانتخابات تستعمل القفف في رمضان والأكباش في الأضحى وسيلة لشراء الأصوات في الانتخابات …

طبعا شهر رمضان هذه السنة يتزامن مع موسم الانتخابات ، لذلك تزايد اصحاب ” الاحسان ” وأصحاب ” الخير ” ، وهنا تحضرني القولة الشهيرة للزعيم عبد الرحيم بوعبيد عندما خاطب الجماهير في تجمع انتخابي ؛ ” أموالهم حلال عليكم وأصواتكم حرام عليهم ” ونقول ” قففهم حلال عليكم وأصواتكم حرام عليهم ” …

طبعا لا نعدم أشخاصا ، رجالا ونساء ، خيرون بطبيعتهم ، كرماء بالطبيعة والتربية …يحبون الخير لذاته …يستجيبون لنداء الضمير لنداء الانسان فيهم …يتضامنون ، يساعدون الفقراء ، يوزعون القفف بعيدين عن الأضواء والدعايات ونشر الفيديوهات ” شوفوني رني ندير الخير ! ” …وهؤلاء ليسوا كائنات إنتخابية تصعد الى المؤسسات المنتخبة بنفاق وانتهازية …بنذالة وحقارة…

طبعا هناك جمعيات جادة ومؤسسات مواطنة توزع القفف استجابة لواجب التضامن الاجتماعي الانساني …

طبعا مؤسسة محمد الخامس للتضامن مؤسسة تشتغل بسمو ونبل ببوصلة التضامن مع الفقراء والمعوزين وحضورها القوي والفاعل في التعليم والصحة والهجرة والتأهيل المهني والثقافة ….اكبر تحدي لأصحاب ” لا تعطني سمكة ..” ولمدمني الشعارات الفارغة ….كفى من المزايدات ، فكرامة المواطن المغربي تحفظ بالفعل الجاد والمسؤول وفي الميدان…لا بالتدوينات التافهة والنضال الافتراضي..