كابل الطاقة المغربي البريطاني.. مشروع عملاق رهينة البيروقراطية والشكوك!

بين الطموح والواقع، يواجه مشروع “إكس لينكس”، الذي يسعى إلى مدّ أطول كابل طاقة تحت البحر في العالم بين المغرب وبريطانيا، اختبارًا حاسمًا يهدد بتحويله إلى مجرد حلم عالق في متاهات السياسة والاقتصاد. رغم الوعود الكبيرة والتصنيف الرسمي له كمشروع “ذو أهمية وطنية”، إلا أن غياب الدعم السياسي البريطاني يجعله عالقًا في حالة من عدم اليقين، في انتظار إشارة حاسمة من لندن لم تأتِ بعد.

الانتخابات العامة البريطانية التي جرت في يوليوز الماضي لم تكن مجرد تغيير سياسي، بل تحولت إلى حجر عثرة أمام المشروع، إذ أطاحت بالحكومة السابقة وجلبت وزراء جدد، ما أجبر الشركة على إعادة جولة من المباحثات لإقناع السلطة الجديدة بأهمية المشروع. لكن المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد، فالمشروع يواجه تشكيكًا مستمرًا من بعض المستثمرين والجهات الحكومية حول مدى قابليته للتنفيذ، ما يضاعف الضغوط على الشركة التي تحاول تأمين عقد لبيع الطاقة بأسعار ثابتة يضمن استمراريته.

ورغم أن الشركة تؤكد أن مشروعها سيؤمن 8% من احتياجات الكهرباء في بريطانيا، وسيخفض أسعار الطاقة بالجملة، فضلًا عن تقليل الانبعاثات والتغلب على مشكل انقطاع الطاقة المتجددة عبر ربط الشبكة البريطانية بمناخ المغرب المختلف، إلا أن الحكومة البريطانية لا تزال مترددة في حسم موقفها. الشركة تطالب بسعر طاقة أعلى من المحطات البحرية في المملكة المتحدة لكنه أقل من الاتفاق المبرم مع محطة الطاقة النووية “هينكلي بوينت سي” عام 2016، وهو ما يجعل المفاوضات أكثر تعقيدًا.

الشركة تطمح إلى اتخاذ قرارها الاستثماري النهائي هذا العام، والإغلاق المالي في 2026، وبدء البناء قبل نهاية العام المقبل، على أن يدخل المشروع حيز التشغيل في 2031، أي بعد عام واحد من الموعد الذي حددته المملكة المتحدة لتحقيق هدفها بـ”شبكة طاقة نظيفة” بحلول 2030. المشروع سيشمل 11.5 جيجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى جانب بطاريات لتخزين الفائض، وسيتم نقل الكهرباء عبر 4 آلاف كيلومتر من الكابلات البحرية مرورًا بسواحل البرتغال، إسبانيا، وفرنسا قبل الوصول إلى شبكة الطاقة البريطانية في ديفون، جنوب غرب إنجلترا.

ورغم كل التحديات، نجح المشروع في جذب كبار المستثمرين العالميين، حيث ضخّت شركات مثل “توتال إنيرجيز”، و”طاقة” الإماراتية، و”جنرال إلكتريك”، و”أوكتوبوس إنرجي” مئات الملايين لضمان انطلاقه. لكن في غياب قرار سياسي حاسم من لندن، يبقى المشروع معلقًا بين الطموح والواقع، رهينة البيروقراطية والشكوك، بينما يترقب الجميع مصيره في الشهور المقبلة.