كارثة مستشفى مولاي يوسف.. هل أصبحت أرواح المغاربة بلا ثمن؟

هاشتاغ _ الرباط

أربع أرواح مغربية زهقت دفعة واحدة داخل غرفة الإنعاش في المركز الاستشفائي مولاي يوسف بالرباط. أربعة مواطنين لم يكونوا سوى أرقام في سجلات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، انتهت حياتهم في ظروف يلفها الغموض وتُشير المعطيات الأولية إلى أنها نتيجة “أسباب بشرية” تتراوح بين انقطاع التيار الكهربائي ونقص الأكسجين. ومع ذلك، ما زالت الوزارة تلتزم الصمت المطبق، وكأن ما حدث مجرد خبر عابر، لا يستحق حتى إصدار بيان رسمي يطمئن الرأي العام أو يشرح ملابسات الكارثة.

إن صمت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في مواجهة هذه الفاجعة لا يمكن تفسيره إلا على أنه تعبير عن استهتار واضح بحياة المواطنين، أو ربما خوف من الاعتراف بتقصير فاضح في أداء واحدة من أهم مؤسسات الدولة. كيف يمكن لوزارة تُعنى بحماية أرواح المغاربة أن تقف موقف المتفرج، فيما البلاد تضج بتساؤلات حول من يتحمل المسؤولية؟ هذا الصمت الرسمي يزيد من حالة الغضب ويعمق فقدان الثقة في مؤسسات يُفترض أنها وجدت لخدمة المواطن، لا لتعميق معاناته.

في الدول التي تحترم شعوبها، تُعتبر مثل هذه الكوارث الصحية أحداثًا تستوجب تدخلًا فوريًا على أعلى المستويات، ليس فقط لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين، بل أيضًا لإعادة بناء الثقة بين المؤسسات والمواطنين. أما عندنا، فإن هذه الحوادث غالبًا ما تُواجه بسياسة النكران أو التجاهل، وكأن أرواح المغاربة لا تستحق الاهتمام أو الاعتراف.

ما حدث في المركز الاستشفائي مولاي يوسف ليس حادثًا معزولًا، بل هو امتداد لسلسلة من الإخفاقات التي تعاني منها المنظومة الصحية الوطنية. المستشفيات تُعاني نقصًا مزمنًا في الموارد البشرية والتجهيزات الأساسية، وأحيانًا حتى في أبسط معايير السلامة. ومع ذلك، لا تزال الوزارة تُراوغ وتُماطل بدل مواجهة الحقيقة، وكأنها تخشى أن ينكشف عجزها أمام الشعب.

إن عدم إصدار أي بيان رسمي من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حول هذه الكارثة يُعتبر جريمة مضاعفة. فالصمت في حد ذاته رسالة سلبية تُفاقم من الغموض وتفتح الباب أمام الإشاعات والتكهنات. في مثل هذه المواقف، كان من المفترض أن يظهر وزير الصحة نفسه أمام الإعلام ليوضح للرأي العام ملابسات ما حدث، ويُطمئن المواطنين بأن تحقيقًا جديًا سيُجرى ومحاسبة حقيقية ستتم. لكن بدل ذلك، اختارت الوزارة دفن رأسها في الرمال، كما لو أن أرواح هؤلاء الضحايا ليست سوى رقم جديد في ملف الإهمال المزمن.

ما تحتاجه البلاد اليوم هو وقفة جادة أمام هذا الاستهتار المتكرر. لا يمكن للمغاربة أن يستمروا في دفع ثمن ضعف الأداء الحكومي وتهاون المسؤولين. أرواح المواطنين ليست رخيصة، والصمت عن هذه الجرائم يجب أن يتوقف. فإذا كانت الوزارة عاجزة عن تحمل مسؤوليتها، فعلى المسؤولين عنها أن يواجهوا المحاسبة، لأن أرواح المغاربة ليست قابلة للمساومة أو التجاهل.

إننا بحاجة إلى تغيير جذري في طريقة إدارة قطاع الصحة. فالمسؤولية لا تتوقف عند حدود التحقيقات الشكلية أو محاسبة الموظفين البسطاء، بل تتجاوز ذلك إلى مساءلة كل من يتحمل مسؤولية سياسية أو إدارية عن هذه الكوارث المتكررة. إذا لم يتحقق ذلك، فإننا سنظل عالقين في دوامة من الإهمال والصمت، حيث يدفع المواطن البسيط الثمن دائمًا.