كتب غيرت العالم والإنسان.. « أصل الأنواع » لتشارلز داروين

ولد تشارلز روبرت داروين (1809 – 1886) في انجلترا في 12 فبراير 1809. كان والده طبيبا معروفا وكانت والدته من اسرة غنية. حاول والده الحاقه بكلية الطب في ادنبرة لكنه ترك ادنبرة بمجرد رؤيته الجثث وغرف العمليات فقرر والده الحاقه بجامعة كمبردج ليصبح رجل دين. تعرف داروين في جامعة كمبردج على الكثير من علماء الحيوان والنبات وقرأ الكثير من الكتب في هذا التخصص.
وجاءت لداروين فرصة عمره حين انضم – كباحث متطوع – الى طاقم سفينة “بيجل” فبعد اعتراض والده ووساطة والدته واسرتها تمكن من الحصول على موافقة مترددة من والده.
بدأت رحلة البيجل في 27 ديسمبر 1831 وفي جزءها الاول قرأ داروين كتابا لعالم الجيولوجيا الشهير “سير تشارلز لايل” (1797 – 1875) حاول ان يثبت فيه لايل ان وديان وسهول الارض تكونت نتيجة الامطار والرياح والزلازل والبراكين وكانت تلك الحقائق العلمية البسيطة تدخل في مجال الكفر في تلك الايام.
في 16 يناير 1833 رست سفينة البيجل في ميناء “برايا” في جزر “كيب فرد” ورأى داروين لأول مرة في حياته هذه الجزر اشجار التمر الهندي والموز والنخيل. وعندما بدأ داروين بدراسة جيولوجيا المنطقة لاحظ في احد التلال المواجهة للبحر طبقة بيضاء ترتفع مئات الامتار عن سطح البحر وتمتد اميالا عديدة. وعندما تفقد هذه الطبقة وجدها مليئة بالاصداف البحرية المماثلة للأصداف الموجودة في قاع البحر في تلك المنطقة. هكذا تأكد داروين بنفسه مما وصفه لايل في كتابه: وهو ان هذه المنطقة المرتفعة كانت في وقت من الاوقات غارقة في قاع البحر وثبت في ذهن داروين ان البيئة المحيطة في حالة تغير مستمر.
ومن هنا بدأت رحلته العلمية.
عن كتاب “اصل الانواع” لداروين:
يتكون هذا الكتاب من اكثر من 750 صفحة – بنسخته العربية – و خمسة عشر بابا عنوان الباب الاخير فيه (استرجاع وختام) وهوعبارة عن تلخيص لما جاء في الكتاب يشغل حوالي 70 صفحة. ان كتاب “اصل الانواع” هو ليس للقراءة لعامة الناس بمعنى انه كتاب متخصص لدارسي علم الاحياء المتخصصين والباحثين فقط.
لقد قمت بالاطلاع عليه (قرأت بعضا منه وهو الجزء البسيط من الكتاب) وأود ان اقدم بعض النقاط للمهتمين – نظرا لكبر حجمه وصعوبة قراءته – رغبة مني في تعميم فائدته وازالة سوء الفهم واللبس المحيطين به – وفيما يلي اهم تلك النقاط:
الكتاب غزير بالمصطلحات العلمية محددة المعنى والتي يتعين على القارئ غير المتخصص مراجعتها قبل او اثناء القراءة باستمرار لكي يتسنى فهم المقصود من النص تماما.
يتحدث بتفصيل عن النباتات والحيوان كليهما بنفس الاهمية دون التخصص بأحدهما وكما يبدو من العنوان “اصل الانواع” دون تحديد نوع واحد من الاحياء.
لا يتحدث عن الدين ولا يقترب بحال من الاحوال من الاشارة ضمنا الى الخلق وكيفيته ولا ينكر اي حقيقة دينية بل يذكر بين الحين والآخر كلمة (الخالق)علما بأن تحميل كتاب “اصل الانواع” من الانترنت تروج له المواقع التي تنعت نفسها بالالحاد كمواقع (ملحدون) و (الالحاد) وذلك بسبب هاله الالحاد التي احاطت خطأ بالكتاب ومؤلفه عبر التاريخ.
يعزو داروين – وكثير من علماء الاحياء – التغيير الذي يطرأ عليها (على الاحياء) الى الطبيعة والصدفة ولهذا لم يتقبلها رجال الدين علما بأن قوانين الطبيعة وقوانين المصادفة هي من صنع الله – فقد رفض المتشددون مبدأ اندثار بعض الانواع ونشوء انواع جديدة واعتقدوا بخلق الكائنات كلها دفعة واحدة وهو عكس نظرية نشوء الانواع وتعديلها.
لا يعارض الكتاب اية حقيقة دينية ولا يهدف لذلك ابدا انما هو دراسة علمية جادة تعتمد على المشاهدة والمقارنة العلمية ودراسة الكائنات الحية الموجودة في الطبيعة حاليا والمنقرضة منها من خلال دراسة البقايا والحفريات ومقارنتها احداها بالآخر وكذلك مقارنة مراحل نموها المختلفة بعضها ببعض.
يعترف المؤلف (تشارلز داروين) في كثير من المواضع بصعوبة وجود تفسير او تبرير وصعوبة الاقناع واعتقد بأن توصله لبعض النتائج البحثية يتجه في مواضع كثيرة الى ما يشبه النظرة الفلسفية والتبرير الفلسفي للأشياء والظواهر والنتائج.
بقدر ما يجيب الكتاب على كثير من التساؤلات وبقدر ما يعمد الى دحض الاتهامات الموجهة الى نظريته وبقدر ما يناقش تساؤلات علماء آخرين غير انه يطرح تساؤلاء كثيرة اخرى ويعترف بصعوبة الاجابة عنها ويعزو ذلك الى الجهل التام العميق بأشياء كثيرة.
في جزء كبير من الكتاب يجيب داروين عن الآخرين ويناقش افكارهم فكأن الكتاب تجميع لجهود علماء وباحثين آخرين غير داروين.
يناقش الكتاب آراء وابحاث كثير من العلماء ويقتبس بعضا من طروحات الباحثين السابقين لداروين و المعاصرين له – ويمكن اعتبار الكتاب او الدراسة بأنها جهدا مشتركا لكثير من العلماء والباحثين الممتدين على فترة طويلة جدا من الزمن.
يتحدث داروين كثيرا عن (الانتقاء الطبيعي) و (الصراع من اجل البقاء) و (البقاء للأصلح) وهو اهم ما يخلص اليه الكتاب واهم ما تعلمناه عن داروين في مادة الاحياء.
هل تعلم بأن تشارلز داروين لم يكن حتى سن السادسة عشر يبشر بأي نجاح مهني بل كان – كما وصفه والده – يهوى الصيد ومطاردة الفئران والكلاب؟

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *