هاشتاغ _ الرباط
أشرت مباركة بوعيدة، رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، على قرار بإلغاء صفقة عمومية بقيمة 5,112,000 درهم (خمسة ملايين ومئة واثني عشر ألف درهم)، مثيرة للجدل، كانت تهدف إلى إعداد وتنفيذ استراتيجية إعلامية واتصالية لترويج صورة الجهة ومؤهلاتها الاستثمارية، وهي الصفقة، التي كانت تحمل الرقم 90/BR/RGON/2024، وكشف تفاصيلها موقع “هاشتاغ”، وواجهت انتقادات لاذعة منذ الإعلان عنها، حيث اعتبرها مراقبون محاولة واضحة من بوعيدة لاستغلال أموال عمومية في حملات إعلامية تهدف لتلميع صورتها الشخصية، في منطقة تعيش على وقع تحديات اجتماعية وتنموية عميقة.
وجاء في قرار الإلغاء، الذي حصل موقع “هاشتاغ” على نسخة منه، أن لجنة طلب العروض قررت بالإجماع اعتبار الصفقة غير ناجحة بعد استبعاد خمس شركات كبرى مستقرة في الدار البيضاء، بمبررات واهية تتجلى في نقص الملفات الإدارية أو عدم مطابقة العروض التقنية للمعايير المطلوبة. هذا القرار المؤرخ في 31 دجنبر 2024 أنهى صفقة أثارت موجة استنكار واسعة، خصوصًا داخل مجلس كلميم واد نون، حيث اعتبر أعضاء المجلس المبلغ المرصود للصفقة إسرافًا غير مبرر كان الأولى توجيهه لدعم مشاريع بنيوية تخدم السكان بشكل مباشر.
مصادر قريبة من مجلس جهة كلميم واد نون أفادت لموقع “هاشتاغ” أن مباركة بوعيدة وجدت نفسها تحت ضغط كبير من جهات سياسية، مما أجبرها على التراجع عن الصفقة. الضغوطات، بحسب المصادر، جاءت بعد اتساع دائرة الانتقادات داخل الجهة وخارجها، حيث رأى الكثيرون أن تخصيص ميزانية ضخمة لصفقة علامية لا تواكب الحاجيات الحقيقية للساكنة تُعد خطوة غير مسؤولة، تنم عن غياب رؤية تنموية واضحة.
الصفقة، التي وصفتها الوثائق بأنها “استراتيجية إعلامية لتعزيز صورة الجهة”، تضمنت محاور متعددة، أبرزها تحليل الصورة الإعلامية الحالية، تطوير خطط تواصل فعّالة، إنتاج أربعة مقاطع فيديو ترويجية بجودة عالية، وتنظيم حملات إعلانية عبر الصحافة الوطنية والإقليمية ومنصات التواصل الاجتماعي. لكن هذه البنود، التي تبدو في ظاهرها طموحة، اعتبرها المراقبون مجرد غطاء لمشروع شخصي يهدف إلى تسويق رئيسة الجهة أكثر من خدمة التنمية الحقيقية.
وفي الوقت الذي تحتاج فيه جهة كلميم واد نون إلى مشاريع اقتصادية واجتماعية ملموسة، أثارت هذه الصفقة استغراب المتابعين، خصوصًا مع اشتراط تخصيص فريق متخصص يضم خبراء في التنمية الترابية واستراتيجية الاتصال بخبرات طويلة، وهو ما زاد من التساؤلات حول مدى ارتباط المشروع بأجندة التنمية بدلًا من أهداف دعائية.
إلغاء الصفقة، رغم أنه جاء متأخرًا، يعكس مأزقًا سياسيًا وإداريًا واضحًا داخل مجلس الجهة. وبينما تحاول مباركة بوعيدة تبرير القرار بتوصيات لجنة العروض، يراه منتقدوها خطوة اضطرارية لتفادي أزمة أكبر كادت أن تعصف بمصداقيتها السياسية، في سياق تتزايد فيه الضغوط لتوجيه الموارد العمومية نحو أولويات تخدم السكان وتستجيب لاحتياجاتهم بدلًا من استنزافها في مبادرات دعائية عابرة.