لشكر يدعو لتحصين الديمقراطية بعد أن قتلها في حزبه!

خالد بوبكري

في صباح باهت من صباحات شهر غشت استيقظت على خبر لا يشبه أخبار الأيام العادية.

جاء في بيان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بقيادة الزعيم الأوحد والمرشح الأبدي الأستاذ إدريس لشكر مطلب غريب: دعوة وزارة الداخلية إلى تحصين الديمقراطية!!!

في البداية ظننت أن البيان نوع من السخرية أو تنكيت سياسي معتاد.

لكن لا، البيان حقيقي ومختوم بختم الوردة الذابلة.

فالسي إدريس ركب حصانه الخشبي وتوجه بخطى ثابتة نحو مقر وزارة الداخلية بحسان رافعا سبابته بحزم وهو يقول: “نحن مع النزاهة، نحن مع الشفافية، نحن حماة الديمقراطية”.

لكن المفارقة هي أن أوراق التعيينات التي وقعها بنفسه تتطاير من حوله: هذا كاتب جهوي، وذاك أمين إقليمي، والآخر عضو مكتب سياسي، وتلك لائحة تزكيات برلمانية موّقع عليها باسمه الذهبي، دون استشارة أي مؤتمر أو مجلس أو قاعدة حزبية ولا حتى محضر اقتراع.

إنه الرجل الذي عاشر خلال 13 عشرة من حكمه الاتحاد الإشتراكي؛ ثلاثة وزراء داخلية (محمد العنصر، محمد حصاد، عبد الواحد لفتيت)، وثلاثة رؤساء حكومات مغاربة (عبد الإله بنكيران، سعد الدين العثماني، عزيز أخنوش)، وثلاثة رؤساء حكومة فرنسيين (نيكولا ساركوزي، فرانسوا أولاند، إيمانويل ماكرون)، وأربعة رؤساء أمريكيين، والحبل على الجرار.

وعندما قرر لشكر إشراك أتباعه في القرار الحزبي والانفتاح، لم ينفتح على القواعد أو الطاقات الشابة بل انفتح على عائلته: الابن مستشار، والابنة في المشهد، والزوجة مستشارة الشؤون الخاصة والعامة.

أما البقية فهم مجرد ديكور حزبي لتصوير المشهد يجتمعون ليهزوا رؤوسهم ويخرجوا ببيان مكرر يحمل كلمات مثل: الإشادة بالكاتب الاول ادريس لشكر والحديث عن “الوطنية”، “المسؤولية”، و”تحصين الديمقراطية”.

اليوم عاد الرجل لا ليحاسب بل ليحاسب الآخرين، نعم عاد ليطالب الدولة بما لم يقدمه لحزبه ويدعو وزارة الداخلية إلى ما لم يسمح به في أي اجتماعات حزبه وكأن الديمقراطية شيء يمكن استعارتها من الوزارة مثل رخصة بناء أو تصريح بالتنقل!

يا لسخرية القدر… أو ربما ليست سخرية بل صورة حقيقية لزمن سياسي فقد ذاكرته، زمن يمنح فيه الزعيم كل شيء ثم ينصب حاكما على الجميع.

في النهاية يبقى السؤال الحارق: هل يمكن لمن لم يتذوق طعم الديمقراطية داخل بيته الحزبي أن يكون حارسا لها في الشارع العام؟