دخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مرحلة غير مسبوقة من الارتباك الداخلي، عقب المصادقة على تشكيلة المكتب السياسي واللجان الوطنية الدائمة، في مسار اعتبرته مصادر اتحادية “إقصائيا” و”تصفويا” قاده إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب، وأفضى إلى إبعاد أسماء وازنة راكمت سنوات من الحضور التنظيمي والسياسي داخل “حزب الوردة”.

فحسب معطيات متطابقة متحدثة لموقع “هاشتاغ” من داخل البيت الاتحادي، فإن الطريقة التي دُبّرت بها لائحة المكتب السياسي، والتصويت عليها داخل المجلس الوطني، فجّرت موجة غضب صامتة سرعان ما تحولت إلى قرارات حاسمة، حيث شرعت قيادات اتحادية بارزة في وضع استقالاتها أو الشروع في مساطر الانسحاب النهائي من الحزب، احتجاجا على ما وصفوه بتحويل التنظيم إلى دائرة مغلقة تُدار بمنطق الولاء بدل التعدد والكفاءة.
الإقصاء الذي طال أسماء مثل محمد شوقي ومحمد محب وخدوج السلاسي ومليكة الزخنيني ومختار البدراوي ومشيج القرقري وأمين البقالي وعبد السلام الموساوي وسليمان ازوغار وسلوى الدمناتي ويوسف بنجلون وجواد شفيق، علاوة على قيادات تاريخية في الحزب ، إضافة إلى إخراج وجوه إعلامية وتنظيمية وازنة من قبيل يونس مجاهد وحنان رحاب، فهو بمثابة رسالة سياسية واضحة مفادها أن مرحلة جديدة بدأت عنوانها التحكم الكامل في مفاصل التنظيم الاتحادي.
ورغم التعيين المثير للجدل للمحظوظ مصطفى عجاب رئيسا للمجلس الوطني، والمصادقة على كتاب وطنيون ولجان وطنية دائمة تحمل في ظاهرها عناوين الحكامة والمناصفة والرقابة، فإن عددا من الاتحاديين يعتبرون أن هذه البنية التنظيمية الجديدة تفتقد للروح السياسية التي ميزت الحزب تاريخيا، وتحولت إلى واجهة شكلية لا تخفي حقيقة تركيز السلطة في يد الكاتب الأول ودائرته الضيقة.
وأكدت مصادر اتحادية لموقع “هاشتاغ” أن الاستقالات التي جرى التداول بشأنها داخل الكواليس هي بمثابة تعبير عن قناعة راسخة بأن الحزب يسير نحو إفراغ مؤسساته من مضمونها الديمقراطي، وإقصاء كل صوت نقدي أو مستقل، وهو ما يعمّق أزمة الثقة ويدفع مناضلين تاريخيين إلى مراجعة علاقتهم بحزب ساهموا في بنائه والدفاع عن اختياراته لعقود.
وتحذر نفس المصادر من أن ما يجري اليوم داخل الاتحاد الاشتراكي لا يمكن فصله عن سياق أوسع من التراجع التنظيمي والسياسي، حيث يتم استبدال منطق النقاش والتعدد بمنطق الاصطفاف والانضباط القسري، الأمر الذي يهدد وحدة الحزب ومستقبله، خاصة في أفق الاستحقاقات المقبلة.
ويبدو أن إدريس لشكر اختار المضي قدما في خيار كلفته السياسية والتنظيمية باهظة، عنوانها نزيف داخلي صامت لكنه عميق، قد يتحول في أي لحظة إلى انفجار علني يعيد طرح سؤال من يملك الحزب ومن يمثل فعلا تاريخه وقاعدته النضالية.






