هاشتاغ
فجّر إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، موجة غضب واستياء داخل الحزب وخارجه، عقب إعلانه عن لائحة المكتب السياسي الجديدة، التي تجاوز عدد أعضائها الخمسين، في رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ الأحزاب السياسية المغربية، ما حوّل الجهاز التنفيذي إلى كيان مترهل أقرب إلى “لائحة إرضاءات” منه إلى قيادة سياسية منسجمة.

اللائحة، التي وُصفت داخل الأوساط الاتحادية بـ“المفخخة”، سرعان ما أطلقت سلسلة من الاستقالات والاحتجاجات الصامتة، بعدما تبيّن أن لشكر وعد عدداً كبيراً من أتباعه ومواليه بعضوية المكتب السياسي، قبل أن يُغلق الدائرة على أسماء بعينها، وفق منطق الولاء لا الكفاءة أو النضال الحزبي.
غير أن أكثر ما أثار الاستغراب والجدل، هو إقدام الكاتب الأول على تعيين ابنته وابن أخته (غ.أ) دفعة واحدة داخل المكتب السياسي، في خطوة اعتبرها متابعون تجاوزاً صارخاً لكل الخطابات التي ظل الحزب يرفعها لعقود حول محاربة الزبونية وربط المسؤولية بالكفاءة. وإلى جانب التعيينات العائلية، ضمت اللائحة أعياناً وشخصيات وُصفت بأنها “غريبة عن تاريخ الاتحاد ونضالاته”، ولا تجمعها بالحزب سوى المصالح والشكارة.
وفي محاولة لامتصاص الغضب، لجأ لشكر إلى إقحام أسماء من جيل الشباب داخل المكتب السياسي، في خطوة بدت، في نظر منتقديه، مجرد واجهة تجميلية تهدف إلى تشتيت الانتباه عن التعيينات المثيرة للجدل، وإضفاء مسحة “تجديدية” على جهاز تحكمه نفس الوجوه ونفس المنهجية.
وسجّل عدد من الملاحظين أن المؤتمر الأخير للاتحاد الاشتراكي شكّل منعطفاً خطيراً في مسار الحزب، بعدما جرى تفريغ مفهوم الديمقراطية الداخلية من مضمونه. فالمؤتمر، منذ انطلاقه إلى اختتامه، لم يشهد – بحسب شهادات متطابقة – عرض صندوق انتخابي واحد، ولا أي مسطرة تصويت شفافة، في سابقة صادمة بتاريخ حزب طالما قدّم نفسه كمدرسة ديمقراطية.
الأخطر من ذلك، أن إدريس لشكر لم يكتفِ بتمديد ولايته ككاتب أول، بل مضى أبعد من ذلك، حين عيّن بنفسه المجلس الوطني، ثم المكتب السياسي، جامعاً بين السلطتين التنفيذية والتنظيمية، في سلوك وصفه اتحاديون غاضبون بأنه “انقلاب ناعم” على روح الحزب وتاريخه.
بهذا المسار، يرى متتبعون أن الاتحاد الاشتراكي دخل، رسمياً، خانة الأحزاب التي ترفع شعارات الديمقراطية في الخارج، وتمارس منطق التوريث والتعيين في الداخل، ما يطرح سؤالاً وجودياً حول ما تبقى من هوية حزب كان يوماً ما عنواناً للنضال والمؤسسات، قبل أن يتحول، اليوم، إلى حزب يُدار بإرادة فرد واحد.






