علي الغنبوري
قرار الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، الاستاذ ادريس لشكر ، مدير مؤسسة “الاتحاد بريس” ، بالحفاظ على اجور العاملين بالمنابر الاعلامية التابعة للحزب ، مع تمكينهم من كل مكتسباتهم المالية من منح و مكافأت ، في ظل هذه الازمة الخانقة التي تمر منها البلاد و التي انعكست بشكل مباشر على قطاع الصحافة الوطنية ، يشكل انتصارا حقيقيا للقيم و التوجهات الاجتماعية للحزب ، و هو كذلك نموذج حي على المنطق السياسي النابع من المرجعية الاشتراكية التي يؤمن بها الحزب و يسعى الى اسقاطها على كل ممارساته و اعماله السياسية .
الاستاذ ادريس لشكر ، و من خلال هذا القرار ، رمى بحجرة كبيرة في بركة النشر الصحفي بالمغرب ، و التي بدأت حقوق و مكتسبات الصحافيات و الصحافيين تشكل العوامل الرئيسية لتأسنها ، حيث شاهدنا كيف عمدت كبريات المؤسسات الاعلامية المغربية الى الاقتطاع من اجور العاملين بها و التخلي على عدد من الوظائف داخلها، و كيف اصبحت هذه الردة الاجتماعية تجد لها اذانا صاغية تبرر و تدافع عما تقوم به ،تحت مبرر العوز المالي .
قرار الاستاذ لشكر ، لم يكن قرارا ظرفيا او مناسباتيا الهدف منه البحث عن مزيادة سياسية او سطوع نجم في ظل الازمة ، بل هذا القرار جاء مؤطرا سياسيا بقناعات اشتراكية محضة و توجهات اجتماعية خالصة ، تعبر بحق عن هوية الاتحاد الاشتراكي و عن قناعاته السياسية الراسخة ، و هو ما عبر عنه الاستاذ لشكر في جملته المعلنة لهذا القرار ” حل ازمة الصحافة لا يمكن ان يكون ابدا على حساب الاجراء ” .
هذا التوجه و هذه القناعة الواضحة التي عبر عنها الاتحاد الاشتراكي في شخص كاتبه الاول الاستاذ ادريس لشكر ، هي من ازعجت عدد ممن اعتادوا النهش في لحم الحزب ، و من الذين شكل لهم الاتحاد الاشتراكي على الدوام السد المنيع لطموحاتهم الانانية و الفردية و اللاوطنية ، فالاتحاد اليوم يختار الاصطفاف بجانب العمال و العاملين و يعتبر اي مس بهم و بمكتسباتهم خط احمر، و اي حل للازمة المقبلة يجب ان يكون بتقوية الجبهة الاجتماعية .
هذا القرار كذلك ،يجب ان يقرأ في اسقاطاته و ظروفه و بيئته الخاصة ، حتى لا يقع التعويم و التعميم ، فاعلام الحزب كما هو شان باقي المؤسسات الاعلامية الحزبية ، هو الاكثر تضررا من التداعيات الاقتصادية لهذه الجائحة ، بالاضافة الى ما تعانيه هذه المؤسسات الاعلامية من نقص في الموارد المالية و تراجع للمداخيل ، ناتج عن التحولات الكبرى التي عرفتها الصحافة المغربية ، و التي ادت الى بروز نجم الصحافة التجارية كواجهة رئيسية للاعلام المغربي ، و في ظل كذلك العدد الكبير من المهنيين الذين يعملون داخلها ، و بالتالي فاتخاذ مثل هذا القرار و في مثل هذا الظروف لا يمكن الا ان يعبر عن شجاعة و عن ايمان مطلق بضرورة سمو المنطق الاجتماعي على اي حسابات اخرى ،و هو كذلك اختيار للاستمرار في قيادة المركب و اصلاح اعطابه ، بدل القفز منه و تركه يغرق بطواقمه .
اهمية هذا القرار الاتحادي ، تكمن كذلك في انه شكل ارضية ناسفة لكل الاطروحات و التبريرات التي بدأ يروج لها البعض ، للتغطية على الاقتطاعات و التسريحات التي طالت عددا كبيرا من الصحافيات و الصحافيين ، بدعوى الازمة الاقتصادية ، في منابر اعلامية مختلفة ، و للاسف كان من ضمنها احد المنابر الحزبية و التي يتخذ المسؤول عنها ، من خطاب التضامن و الدفاع عن الطبقات العمالية اساس وجوده الحزبي، فهذا القرار هدم محاولات البعض تشكيل رأي عام مغلوط يحاول اصحابه ايهام الجميع بان تسريح العاملين و الاقتكاع من الاجور ، هو المخرج الوحيد لتفادي الازمة داخل القطاع .
ان ما اقدم عليه الاستاذ ادريس لشكر ، هو ترجمة فعلية لمبادئ وقيم الاتحاد الاشتراكي، القائمة اساسسا على التضامن و الدفاع عن حقوق الطبقات الشعبية المختلفة ، و هو ترسيخ لممارسة سياسية نبيلة تكرس لتوجهات نضالية اصيلة ،غير قابلة للتجاوز تحت اي ظرف او مبرر .