تستعد وزارة الداخلية، بقيادة عبد الوافي لفتيت، لإطلاق جولة ثانية من المشاورات السياسية ابتداءً من يوم غد الخميس، في خطوة حاسمة على طريق إعداد الصيغة النهائية للقوانين الانتخابية المؤطرة لاستحقاقات شتنبر 2026.
ووفق ما أوردته مصادر مطلعة، فإن الوزير سيعقد سلسلة اجتماعات ثنائية مع زعماء الأحزاب، بدءًا بأحزاب التحالف الحكومي (الأصالة والمعاصرة، التجمع الوطني للأحرار، الاستقلال)، ثم الاتحاد الدستوري، قبل الانتقال إلى أحزاب المعارضة والتشكيلات غير الممثلة في البرلمان. اللقاءات ستخصص لمناقشة المذكرات التي رفعتها الأحزاب، وعرض التصورات الأولية للداخلية بخصوص التعديلات المنتظرة.
وأوضحت ذات المصادر أن مديرية الشؤون الانتخابية، برئاسة الوالي حسن أغماري، تشتغل منذ أسابيع على مسودات مشاريع القوانين التي ستقتصر على مجلس النواب، دون المساس بجوهر المنظومة الحالية. اللوائح الجهوية المخصصة للنساء ستظل قائمة، فيما لن يتم إدراج لائحة خاصة بالكفاءات أو بالشباب، رغم الضغط الذي تمارسه الشبيبات الحزبية.
في المقابل، يُرتقب إدخال تعديلات على التقطيع الانتخابي، عبر إحداث دوائر جديدة أو مراجعة المقاعد المخصصة لبعض الدوائر، استنادًا إلى نتائج الإحصاء العام الأخير. كما أن مقترح رفع عدد مقاعد النواب إلى 500 يظل مطروحًا، باعتبار أن الدستور لم يحدد سقفًا لهذا العدد، بخلاف مجلس المستشارين.
واحدة من النقاط المثيرة التي يجري تداولها داخل الكواليس تتعلق بمحاصرة المترشحين الملوثين بملفات فساد. الداخلية تدرس إمكانية فرض “ميثاق شرف” بين الأحزاب يحد من منح التزكيات للمنتخبين المتورطين في قضايا اختلاس أو تبديد المال العام، غير أن أحزابًا بعينها تتحفظ على هذا التوجه بالنظر لاعتمادها التقليدي على “أصحاب الشكارة” لضمان الأصوات.
وتكشف المعطيات أن العشرات من المنتخبين يواجهون أحكامًا قضائية أو متابعات أمام محاكم جرائم الأموال، لكنهم ما يزالون يطمحون إلى الظفر بمقاعد برلمانية جديدة. وهو ما يطرح، وفق متابعين، سؤالًا جوهريًا حول جدوى النصوص القانونية إن لم تترافق مع إرادة حزبية حقيقية لتطهير المشهد السياسي.
في هذا السياق، تُدرك وزارة الداخلية أن الرهان لا يتعلق فقط بصياغة قوانين جديدة، بل بمدى قدرة الأحزاب على الالتزام بروح الإصلاح، خصوصًا أن انتخابات 2026 يُعوَّل عليها لاستعادة ثقة المواطنين في العملية الانتخابية ومؤسساتها.