في خطوة أثارت الكثير من الجدل، لجأت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى استقدام مؤثرين وصناع محتوى أجانب للترويج لملاعب المونديال 2030، بينما تم تهميش الإعلام الرياضي الوطني والصحفيين المحليين الذين واكبوا لسنوات تفاصيل أوراش البنية التحتية الكروية.
وحظي المؤثرون الذين تم استقدامهم من الأردن وقطر ومصر وبريطانيا وإفريقيا جنوب الصحراء، بإقامة فاخرة في فنادق تتجاوز كلفة مبيت الليلة الواحدة فيها 2600 درهم، مع تغطية شاملة لمصاريف التنقل والطيران الداخلي. في المقابل، ظل الصحفيون المغاربة، الذين ينقلون بجهد يومي أخبار الملاعب وتطوراتها، خارج هذه الجولة الترويجية التي تم تسويقها على أنها “واجهة المغرب الكروية للعالم”.
وخصصت الجامعة ميزانية مهمة لهذه الحملة الرقمية، مراهنة على ملايين المتابعين للمؤثرين الأجانب، لكنها أغفلت أن الرأي العام الداخلي هو أول جمهور يحتاج إلى طمأنة حول شفافية هذه المشاريع وجودة إنجازها. فبدل أن يُفتح المجال أمام الإعلام المحلي لممارسة دوره الطبيعي في المواكبة والنقد البناء، جرى استبداله بخطاب تسويقي سريع الزوال، يراهن على الصور البراقة أكثر مما يراهن على المصداقية.
ويكشف هذا الخيار خللا عميقا في رؤية الجامعة للتواصل حيث أن الجامعة تراهن على الخارج وتقصي الداخل، وتفضل التجميل على الحسابات الرقمية بدل الانفتاح على النقاش العمومي والإعلامي الوطني. والأدهى من ذلك أن هذه السياسة قد تُحوّل ملف الملاعب من ورش وطني إلى مجرد حملة دعائية عابرة، تفقد قيمتها بمجرد انتهاء جولة المؤثرين.
المغرب يستعد لاحتضان كأس العالم 2030، وهو حدث استثنائي يقتضي تعبئة وطنية شاملة، حيث يجب أن يكون الإعلام المغربي شريكا أساسيا، لا متفرجا مُهمّشا. فالملاعب ليست صور على “إنستغرام” أو “تيك توك”، بل هي أوراش تهم المال العام، وتحتاج إلى رقابة محلية أكثر من حاجتها إلى دعاية خارجية.