هاشتاغ _ محسن النياري
شهد المغرب يوم الأربعاء 11 دجنبر 2024 لحظة تاريخية عندما أعلنت “الفيفا” اختيار المملكة، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، لتنظيم كأس العالم 2030. كان هذا الحدث تتويجًا لمسيرة طويلة من الجهود الدبلوماسية والرياضية، وفرصة غير مسبوقة لإبراز هوية المغرب الثقافية والتاريخية على الساحة العالمية. غير أن هذه الفرحة لم تكتمل بسبب خطاب فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي أثار جدلاً واسعًا باختياره الحديث باللغة الفرنسية، متجاهلًا اللغتين الرسميتين للدولة، العربية والأمازيغية، في خطوة وُصفت بأنها مخالفة للدستور وبعيدة عن الروح الوطنية.
جميع ممثلي الدول الأخرى الذين شاركوا في الحفل حرصوا على الحديث بلغاتهم الوطنية، معبرين عن اعتزازهم بهوياتهم الثقافية والسيادية. ألقى ممثل السعودية كلمته بالعربية، وممثلو الأرجنتين والأوروغواي والبارغواي إسبانيا والبرتغال تحدثوا بلغاتهم الرسمية. إلا أن ممثل المغرب اختار أن يكون الاستثناء الوحيد، حيث أطل على العالم بلغة أجنبية، ما أثار استياء شريحة واسعة من المغاربة الذين رأوا في هذا التصرف تهميشًا لهويتهم الوطنية وإرثهم الحضاري.
ما زاد من حدة الانتقادات هو أن الدستور المغربي واضح في اعتباره العربية والأمازيغية لغتين رسميتين للدولة، وهو ما يجعل قرار فوزي لقجع بالتحدث بالفرنسية ليس مجرد خيار شخصي، بل مخالفة صريحة لروح الدستور. كان من الممكن أن يكون هذا الخطاب منصة لتعريف العالم بخصوصيات المغرب اللغوية والثقافية، لكنه تحول إلى فرصة مهدورة تعكس أزمة أعمق في فهم بعض النخب المغربية لأدوارهم الرمزية والدبلوماسية.
هذا التصرف يعيد إلى الواجهة نقاشًا مستمرًا حول “عقدة اللغة” لدى بعض المسؤولين المغاربة، الذين لا يزالون يفضلون الحديث بلغة الآخر في المحافل الدولية، حتى عندما تكون المناسبة فرصة لتعزيز الهوية الوطنية. جلالة الملك محمد السادس، في كل خطاباته ورسائله، يحرص على استخدام لغة راقية تعكس العمق الثقافي والتاريخي للمغرب، فلماذا تعجز بعض النخب عن السير على نفس النهج، خصوصًا في لحظات تاريخية كهذه؟
إن خطاب فوزي لقجع لم يكن مجرد زلة لسان، بل يعكس غياب رؤية واضحة لأهمية اللغة كأداة دبلوماسية تمثل سيادة الدولة وهويتها الحضارية. بدلاً من أن يكون هذا الحدث مناسبة للاعتزاز بالمغرب ولغاته الرسمية، أطل لقجع على العالم بخطاب خالٍ من الروح الوطنية، مخالفًا بذلك الدستور، ومهدراً فرصة ثمينة لتعزيز صورة المغرب أمام العالم.
المغاربة يستحقون من يمثلهم بشرف واعتزاز في المحافل الدولية، بلغة تنبع من هويتهم وتاريخهم. أما ما حدث يوم إعلان تنظيم كأس العالم فهو إخفاق لا يجب أن يتكرر، لأنه يعكس قصورًا في الوعي الوطني لا يليق بمكانة المغرب في مثل هذه اللحظات التاريخية.