للحد من اكتظاظ السجون.. المغرب يتجه لإقرار عقوبات بديلة

يتّجه المغرب لإقرار العمل بالعقوبات البديلة للسجن، وذلك من خلال مسودة مشروع قانون تمت إحالتها إلى الأمانة العامة للحكومة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وكافة المؤسسات الحكومية والقضائية والأمنية والهيئات المعنية، بهدف التدارس وإبداء الرأي بشأنه.

وأعلن وزير العدل عبد اللطيف وهبي، في معرض رده على سؤال كتابي للفريق الحركي بمجلس النواب، أن وزارته بادرت إلى إعداد مسودة مشروع قانون خاص بالعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية مستقل عن مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية.

ولفت إلى أن “الاقتناع أصبح راسخا منذ ما يقارب عقدين من الزمن من خلال التشخيصات التي أجريت على منظومة العدالة ببلادنا في مناسبات متعددة أن الوضع العقابي القائم أصبح بحاجة ماسة لاعتماد نظام العقوبات البديلة، خاصة في ظل المؤشرات والمعطيات المسجلة على مستوى الساكنة السجنية”.

وأوضح وهبي أن العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة تطرح عددا من الإشكالات، حيث تشكل فئة الأشخاص المحكومين بأقل من سنتين ما يقارب نصف الساكنة السجنية، ما يؤثر سلبا على الوضعية داخل المؤسسات السجنية، ويحد من المجهودات والتدابير المتخذة من طرف الإدارة العقابية في تنفيذ برامج الإدماج وإعادة التأهيل وترشيد كلفة الإيواء.

وحدّدت مسودة مشروع القانون العقوبات البديلة في العمل لأجل المنفعة العامة والغرامة والمراقبة الإلكترونية وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية.

وتنصّ المسودة على أن المحكمة إذا حكمت بالعقوبة الحبسية، فيمكنها أن تستبدلها بعقوبة بديلة إما تلقائيا أو بملتمس النيابة العامة أو طلب المحكوم عليهم. في حين يتعين إشعار المحكوم عليه، بتنفيذ العقوبة الحبسية في حال عدم تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه، كما يمنع الحكم بالعقوبة البديلة “إلا بحضور المحكوم عليه في الجلسة وبموافقته، بعد إشعاره بحقه في الرفض”.

أما بالنسبة لبعض تفاصيل هذه العقوبات البديلة، فأشارت المسودة بالنسبة للعمل لأجل المنفعة العامة إلى أنه غير مؤدى عنه وينجز لمدة تراوح بين 40 و600 ساعة لفائدة مصالح الدولة أو مؤسسات أو هيئات الحقوق والحريات والحكامة الجيدة، أو المؤسسات العمومية وغيرها، مثل دور العبادة والمؤسسات الخيرية.

وفي ما يتعلق بعقوبة بديلة أخرى كالغرامة اليومية، حددها مشروع القانون بين 100 و2000 درهم ، عن كل يوم من العقوبة السجنية، أما المراقبة الإلكترونية فهي عبارة عن مراقبة حركة تنقل المحكوم عليه بواحدة من وسائل المراقبة الإلكترونية المعتمدة.

وعلى الرغم من تحسن ظروف الإقامة والخدمات اللوجستية وبرامج التأهيل داخل السجون المغربية خلال السنوات الأخيرة، فإن الارتفاع القياسي في عدد السجناء يطرح تحديات على مسؤولي إدارة السجون في المغرب في ما يخص تطبيق سياسة إعادة الدمج والحفاظ على كرامة السجين. كما يثير الاكتظاظ أكثر من علامة استفهام حول الأسباب الكامنة وراءه.

وبلغ عدد المعتقلين في المؤسسات السجنية إلى حدود 31 ديسمبر الماضي 88941 سجينا، كما يورد التقرير السنوي للمرصد المغربي لحماية السجون حول أوضاع المؤسسات السجنية والسجناء والسجينات برسم سنة 2021، مسجلا استمرار ارتفاع أرقام عدد السجناء خلال السنة الحالية، في مقابل انخفاض عدد المؤسسات السجنية.

ويلفت التقرير السنوي إلى أن ظاهرة الاكتظاظ لا تزال تُمثل السمة العامة للسجون بالمغرب، ما يعيق تنفيذ برامج التأهيل وإعادة الإدماج، ويحول دون التمتع بحقوق الإنسان الأساسية.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يشار بالاكتظاظ إلى الحالة التي يتجاوز فيها عدد السجناء السعة الرسمية للسجون، ويتمّ حساب النسبة وفق الجزء من الإشغال الذي يتجاوز 100 في المائة من نسبة الاستيعاب، وفي العادة يمكن القول إنّ 120 في المائة هو اكتظاظ خطير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *