ما الحاجة إلى حكومة وانتخابات وأحزاب، إذا كان كل هذا سينتهي بنا إلى رئيس حكومة اسمه عزيز أخنوش؟!

بقلم: جمال اسطيفي

في زمن أصبحت فيه السياسة أقرب إلى مسرحية عبثية منها إلى فن تدبير الشأن العام، لا يسعك إلا أن تطرح سؤالا بسيطا لكنه موجع: ما الحاجة إلى حكومة وانتخابات وأحزاب، إذا كان كل هذا سينتهي بنا إلى رئيس حكومة اسمه عزيز أخنوش؟!

هل تعبنا فقط لنصعد إلى قمة الجبل، ثم نكتشف أن القمة كانت مقهى صغيرا فيه صاحب شركة محروقات، يجلس مرتاحا، ويهمس لنا: “راه الأمور مزيانة، واللي ماعجبوش يمشي يشرب المازوط”!

في بلدان تُنتخب فيها الحكومات لتحل الأزمات، نحن ننتخبها لتخلق الأزمات، وتذكّرنا بأن هناك طبقة سياسية يمكن أن تكون أغرب من الخيال، وأكثر جمودا من نشرات الأخبار في أيام البرد القارس.

ولنكن صرحاء، ما الحاجة إلى كل هذا الديكور الديمقراطي؟ لماذا نُنفق الملايير على انتخابات لا تفرز سوى أغلبية صمّاء، ومعارضة خرساء، ورئيس حكومة يبدو وكأنه تائه بين أسعار الكازوال والمخطط الأسود عفوا الأخضر، وصناديق الدعم ومياه تحلية البحر ودعم مجموعة 18 ب1300 مليار سنتيم لاستيراد أغنام بيعت بضعف ثمنها!!

بل لماذا لا نعترف أننا نعيش وسط منظومة فيها رئيس حكومة بلا خطابة ولا حس، وبرلمان بلا رقابة، وأحزاب وجودها كعدمه، وأزمة معيشية يتم حلها بـ”كثرة الصبر وقلة الحيلة”..

الواقع يقول إن مؤسسات البلاد الحقيقية التي تحافظ على الحد الأدنى من التوازن، ليست هي الحكومة ولا البرلمان، بل هي المؤسسة الملكية، ومستشاروها، والولاة والعمال، وبقية الأجهزة التي لا تغيّبها الحرارة ولا البرودة.

أما الحكومة؟ فهي هنا فقط لتملأ الفراغ، وتقول لنا كل مرة: “غادي يكون خير”، قبل أن تختفي في موجة زيادات، أو في تصريح بارد كليالي يناير.

ربما آن الأوان لنسأل أنفسنا بصراحة،

هل نريد ديمقراطية حقيقية تُنتج كفاءات؟ أم نريد فقط انتخابات تجميلية تُنتج عناوين هنا وهناك ومعارك وهمية بحثا عن السلطة والنفوذ لا مصلحة الوطن والمواطنين؟

هل نريد رئيس حكومة يُقنعنا، أم يكفينا أن نراه يبتسم من خلف زجاج النوافذ المعتمة في الاجتماعات الوزارية، يأكل التفاح حينا، ويرقص مريدوه حينا آخر على إيقاع “مهبول أنا”، ويخرج رئيس برلمانه حينا آخر ليطلب من المغاربة أن “يشيروا عليه بالحجر” إذا لم يحصلوا على دعم قيمته 2500 درهم شهريا!!

في النهاية، إذا كانت الوصفة السياسية التي أعطتنا أخنوش هي نفسها التي سنستمر بها في الطبخ السياسي المغربي، فربما آن الأوان أن نغلق المطبخ، ونكتفي بالوجبات الجاهزة، دون الحاجة إلى توابل الانتخابات والأحزاب التي انتهى تاريخ صلاحيتها منذ زمن.

فحين تكون الأزمة أكبر من المطبخ، فإن السياسة تتحول إلى برنامج طبخ رديء،لا يستسيغه الجمهور، لكن يُعرض علينا مرغمين كل خمس سنوات..