في خطوة مثيرة للجدل، وجّه مجلس المنافسة سهامه نحو شركة Glovo، المنصة الرقمية المتخصصة في توصيل الوجبات، متهماً إياها بأنها تُمارس أسعاراً منخفضة “بشكل تعسفي”، بما يضر بقواعد المنافسة في السوق. المفارقة الصادمة أن المجلس، الذي طال صمته عن ملفات أعقد وأثقل كاهل المواطن، يطالب اليوم بشكل غير مباشر برفع الأسعار بدل خفضها.
وحسب بيان رسمي صادر عن المجلس، فإن التحقيقات خلُصت إلى أن الشركة المعنية تستغل موقعها المهيمن في سوق المنصات الرقمية، وتمارس ضغطاً اقتصادياً على شركائها التجاريين عبر اعتماد تسعيرات منخفضة، ما وصفه المجلس بـ”ممارسات منافية للمنافسة”.
ورغم أن البيان لم يُسمِّ الشركة صراحة، إلا أن مصادر متطابقة أكدت أن الأمر يتعلق بتطبيق Glovo، الذي يشهد انتشاراً واسعاً في عدد من المدن المغربية. ووفق ما جاء في البيان، فإن المجلس يعتبر هذه الأسعار المنخفضة تهديداً لبنية السوق، ويضعها في خانة “الاستغلال التعسفي”.
المثير للانتباه في هذه القضية ليس فقط مضمونها، بل التوقيت والسياق. فبينما ينتظر المواطن معالجة ملفات حساسة كالمحروقات واحتكار المواد الأساسية، والتي لها أثر مباشر على القدرة الشرائية، يخرج مجلس المنافسة ليوجّه تحذيراً صريحاً لمنصة تقدم خدمات بأسعار يعتبرها كثيرون “مقبولة وميسّرة” وسط موجة غلاء شاملة.
ويطرح هذا الموقف إشكاليات عميقة حول أولويات المجلس، وهل باتت حماية “المنافسين الأقوياء” تأتي قبل حماية المستهلكين، الذين يرون في مثل هذه التطبيقات متنفساً أمام أسعار المطاعم وخدمات التوصيل المرتفعة.
إذا استجابت الشركة لضغوط المجلس، ورفعت أسعارها كما يُلمّح البيان، فإن الضحية الأولى لن تكون المنافسة، بل الزبون العادي. أما إذا رفضت، فقد تواجه إجراءات زجرية قد تعيد رسم خريطة السوق لصالح فاعلين تقليديين لطالما استفادوا من غياب المنافسة الحقيقية.