محمد خباشي.. صوت الوطن الذي أزعج محترفي التشهير

من غرائب هذا الزمن أن يتحول من أدانته العدالة بخمس سنوات سجناً بتهمة اغتصاب شاب، إلى خطيب في الأخلاق ومحاضر في الشرف، يوزع الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال. هذه هي المفارقة الصارخة التي يمثلها سليمان الريسوني، الذي ما إن خرج إلى فضاء التدوين حتى جرّ النقاش إلى حضيض السبّ والقدف، مستعملاً قاموس “المؤخرة” بدل حجج الصحافة ومقارعة الأفكار.

الريسوني لم يكتفِ بالدفاع عن نفسه أو الرد على خصومه بالحجة، بل اختار أن يجعل من محمد خباشي، هدفاً لتدوينة بئيسة. هاجمه في شرفه وكرامته، لا لأنه سرق مالاً عاماً ولا لأنه خان الوطن، بل لأنه يزعجه في هكذا أشياء. هكذا اختصر الريسوني الصحافة: في التشهير بالأعراض بدل مراقبة الفساد، وفي الاغتيال المعنوي بدل إنتاج الحقيقة.

لكن الفرق بين الرجلين يظل صارخاً. محمد خباشي، على خلاف الريسوني، يشتغل في العلن، لم يُعرف عنه الاتجار بالأعراض، ولا النزول إلى لغة السوق، بل ظل وفياً لفكرة أن الإعلام خدمة للوطن قبل أن يكون منبراً شخصياً.

المغاربة ليسوا في حاجة إلى دروس زائفة في الأخلاق من أشخاص سقطوا في أول امتحان للكرامة. المغاربة يعرفون جيدا معادن الرجال: يعرفون من يقضي سنواته في السجون بسبب فضائح أخلاقية، ومن يظل واقفاً، ثابتاً، مدافعاً عن بلاده. يعرفون من يستعمل حرية التعبير مطية للقذف، ومن يمارسها بعقل رجل دولة، يخدم الوطن ولا يساوم عليه.

إن قضية الريسوني لم تعد اليوم قضية حرية صحافة كما يسوق أنصاره، بل صارت نموذجاً لكيف يمكن أن تتحول الشعارات إلى أقنعة، وكيف يمكن للمدان بالاغتصاب أن يهاجم شرف الآخرين باسم “الكرامة”. وفي المقابل، يظل محمد خباشي مثالاً للرجل الوطني، الصحفي المسؤول، ورجل الدولة من طينة النادرين، ويقف في صف الوطن قبل كل شيء.

التاريخ لا يرحم. سيذكر أن من تشدقوا بالحرية أسقطوها في مستنقع التشهير، فيما رجال مثل محمد خباشي سيبقون واقفين، أعمدة من أعمدة الإعلام الوطني، يرفعون الراية المغربية في وجه الانحطاط الأخلاقي والابتذال السياسي.